" صفحة رقم ٧٥ "
فسُرّ أصحاب رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) وكبّروا وتصدّقوا بمال عظيم.
وروى القاسم بن بشر عن أُسامة عن محمد ( المخرمي ) قال : سمعت الحسن يقول : قال رسول الله ( ﷺ ) ( ثلاث من كن فيه فهو منافق وإن صام وصلى وزعم أنه مسلم :( من ) إذا حدّث كذب، وإذا وعد أخلف، وإذا ائتمن خان )
فقال الحسن : يا أبا سعيد والله لئن كان لرجل عليَّ دين فلقيني فتقاضاني وليس عندي فخفت أن يحبسني ويهلكني فوعدته أن أقضيه رأس الهلال فلم أفعل أمنافق أنا ؟ هكذا جاء الحديث.
ثم حدّث عن عبد الله بن عمرو أن أباه لما حضره الموت قال : زوّجوا فلاناً فإني وعدته أن أزوجه، لا ألقى الله بثلث النفاق، قال : قلت : يا أبا سعيد ويكون ثلث الرجل منافقاً وثلثاه مؤمناً ؟ قال : هكذا جاء الحديث.
قال محمد : فحججت فلقيت عطاء بن أبي رباح فأخبرته بالحديث الذي سمعته من الحسن وما الذي قلت له عن المنافق وما قال لي : فقال لي أعجزت أن تقول له : أخبرني عن إخوة يوسف ألم يَعِدُوا أباهم فأخلفوه و حدثوه فكذبوه وائتمنهم فخانوه أفمنافقين كانوا ألم يكونوا أنبياء، أبوهم نبيّ وجدّهم نبيّ ؟
فقلت لعطاء : يا أبا مُحَمّد حَدّثَني بأصل هذا الحديث، فقال : حَدّثَني جابر بن عبد الله أنَّ رسول الله ( ﷺ ) إنما قال هذا الحديث في المنافقين خاصة الذين حدثوا النبي ( ﷺ ) فكذبوه وائتمنهم على سرّه فخانوه ووعدوه أن يخرجوا معه إلى الغزو فأخلفوه، قال : فخرج أبو سفيان من مكة فأتى جبريل فقال : إن أبا سفيان في مكان كذا وكذا، فقال النبي ( ﷺ ) ( إن أبا سفيان في مكان كذا وكذا فاخرجوا إليه واكتموا ) فكتب رجل من المنافقين إليه : إن محمداً يريد بعثكم فأنزل الله عزّ وجلّ ) لا تخونوا الله والرسول وتخونوا أماناتكم ( وأنزل في المنافقين ) ومنهم من عاهد الله لئن أتانا ( إلى قوله تعالى :) بما كانوا يكذبون (. قال : إذا أتيت الحسن فاقرأه مني السلام فأخبره أصل هذا الحديث وبما قلت لك.
فقدمت على الحسن وقلت : يا أبا سعيد إن أخاك محمّداً يقرئك السلام، فأخبرته بالحديث الذي حدث. فأخذ الحسن يدي فأحالها وقال : يا أهل العراق أعجزتم أن تكونوا مثل هذا، سمع منا حديثاً فلم يقبله حتى استنبط أصله، صدق عطاء هكذا الحديث في المنافقين خاصة.


الصفحة التالية
Icon