" صفحة رقم ٨٩ "
وتعذرهم، فقال رسول الله ( ﷺ ) ( وأنا أقسم بالله لا أُطلقهم ولا أعذرهم حتى أؤمر بإطلاقهم، رغبوا عني وتخلّفوا عن الغزو مع المسلمين ) فأنزل الله تعالى هذه الآية، فلما نزلت أرسل إليهم النبي ( ﷺ ) فأطلقهم وعذرهم فلما أُطلقوا قالوا : يا رسول الله هذه أموالنا التي خلّفتنا عنك فتصدّق بها عنا وطهّرنا واستغفر لنا.
فقال رسول الله ( ﷺ ) ( ما أُمرت أن آخذ من أموالكم شيئاً
التوبة :( ١٠٣ ) خذ من أموالهم.....
فأنزل الله عزّوجل :) خذ من أموالهم صدقة ( الآية.
واختلفوا في أعداد هؤلاء الناس وأسمائهم فروى علي بن أبي طلحة عن ابن عباس قال : كانوا عشرة رهط منهم أبو لبابة، وقال سعيد بن جبير وزيد بن أسلم أبو ( منية ) : منهم هلال وأبو لبابة وكردم ومرداس وأبو قيس، وقال قتادة والضحاك : كانوا سبعة منهم جد بن قيس وأبو لبابة وجدام وأوس، كلّهم من الانصار.
وقال عطية عن ابن عباس : كانوا خمسة أحدهم أبو لبابة، وقال آخرون : نزلت في أبي لبابة واختلفوا في ذنبه. فقال مجاهد : نزلت هذه الآية في أبي لبابة حين قال لقريظة : إن نزلتم على حكمه فهو الذبح وأشار إلى رقبته، وقد مضت القصة في سورة الأنفال. فندم وتاب فأقرّ بذنبه فأنزل الله عزّ وجلّ هذه الآية.
قال الزهري : نزلت في تخلّفه عن رسول الله ( ﷺ ) في غزوة تبوك فربط نفسه بسارية فقال : والله لا أحل نفسي منها ولا أذوق طعاماً ولا شراباً حتى أموت أو يتوب الله عليّ. فمكث سبعة أيام لا يذوق فيها طعاماً ولا شراباً حتّى خرّ مغشياً عليه فأنزل الله تعالى ) وآخرون اعترفوا بذنوبهم ( الآية فقيل له : قد تيب عليك يا أبا لبابة فقال : والله لا أحل نفسي منها حتى يكون رسول الله ( ﷺ ) هو الذي يحلّني، فجاء النبي ( ﷺ ) فحلّهُ بيده، ثمّ قال أبو لبابة : يا رسول الله إن من توبتي أن أبرّ دار قومي التي أصبت بها الذنب وأن انخلع من مالي كله صدقة إلى الله وإلى رسوله، فقال :( يجزيك يا أبا لبابة الثلث ).
قالوا جميعاً : وأخذ رسول الله ( ﷺ ) منهم ثلث أموالهم وترك الاثنين لأن الله عزّ وجلّ قال :) خذ من أموالهم ( ولم يقل : أموالِهم، فلذلك لم يأخذ كلها.
وقال الحسن وقتادة : هؤلاء سوى الثلاثة الذين تخلّفوا ) تطهرهم بها ( من ذنوبهم والقراءة بالرفع حالاً لاجواباً، أي خذ من أموالهم صدقة مطهرة ومزكّية كقول الحطيئة :
متى تأته تعشو إلى ضوء ناره
تجد خير نار عندها خير موقف


الصفحة التالية
Icon