" صفحة رقم ١٦٦ "
أما يؤذيك ريح هؤلاء ؟ فوالله لقد آذانا ريحهم. وقال : نحن سادات مضر وأشرافها فإن أسلمنا أسلم الناس وإن أبينا أبى الناس، وما يمنعنا من اتّباعك إلاّ هؤلاء، فنحِّ هؤلاء حتّى نتبعك، واجعل لنا مجلساً ولهم مجلساً. فأنزل الله عز و جّل :) واصبر ( : واحبس ) نفسك مع الذين يدعون ( : يعبدون ربهم ويوقّرون ) ربهم بالغَداةِ والعشي (، أي طرفي النهار ) يُريدُونَ وجههُ (، يعني : يريدون الله عزّ وجلّ لا يريدون عرضاً من الدنيا. والمراد منه : الحسنة وترك الريّاء. قال قتادة : يعني : صلاة الصبح والعصر. وقال كعب الأحبار : والذي نفسي بيده إنّهم لأهل الصّلوات المكتوبة. قال قتادة : نزلت هذه الآية في أصحاب الصفة، وكانوا سبعمئة رجل فقراء لزموا مسجد رسول الله ( ﷺ ) لا يرجعون إلى تجارة ولا إلى زرع ولا ضرع، يصلّون صلاة وينتظرون أُخرى. قال قتادة : فلما نزلت هذه الآية قال نبي الله ( ﷺ ) ( الحمد لله الذي جعل في أُمّتي من أمرت أن أصبر معهم ).
) ولا تعدُ عيناك ( : لا تصرف ولا تجاوز عيناك ) عنهُم ( إلى غيرهم ) تُريدُ زينة الحياة الدنيا (، يعني مجالسة الرؤساء والأغنياء والأشراف.
ومعنى الآية : ولا تعدُ عيناك عنهم مريداً زينة الدنيا حال خوضهم في الاستغفار لأنه حكم على النبّي ( ﷺ ) بإرادته الدنيا. ) ولا تُطع من أغفلنا قلبهُ عن ذكرنا ( أي تركنا قلبه وأنسيناه ذكرنا. قال أبو العالية : يعني : أُميّة بن خلف الجمحي. وقال غيره : يعني عيينة بن حصين، ) واتبَعَ هَواهُ وكانَ أمرُهُ فُرُطاً (، قال قتادة والضحّاك ومجاهد : ضياعاً. وقال داود : ندماً. وقال حباب : هلاكاً. وقال ابن زيد : مخالفاً للحق. وقال مقاتل بن حيّان : سرفاً. وقال الأخفش : مجاوزاً للحد. وقال الفرّاء : متروكاً. وقيل : باطلاً. وقال أبو زيد البلخي : قُدُماً في الشر. قال أبو عبيد : هو من قول العرب : فرس فرط إذا سبقت الخيل، وفرط القول منّي أي سبق. وقيل : معناه ضيّع أمره وعطّل أيامه، قالوا : ان المؤمن من يستعمل الأوقات، ولا تستعمله الأوقات.
الكهف :( ٢٩ ) وقل الحق من.....
) وقل الحق من ربكم (، الحقُ : رفع على الحكاية، وقيل : هو رفع على خبر ابتداء مضمر معناه : وقل هو الحقّ من ربكّم، يعني : ما ذكر من القرآن والإيمان وشأن محمد ( ﷺ ) وقيل : هو رفع على الابتداء وخبره في قوله ) من ربكم (، ومعنى الآية : وقل يا محمّد لهؤلاء الّذين أغفلنا قلوبهم عن ذكرنا : أيُّها الناس، مِن ربكم الحقُّ، وإليه التوفيق والخذلان، وبيده الضلالة والهدى، يهدي من يشاء فيؤمن، ويضل من يشاء فيكفر ليس إليّ من ذلك شيء، ولست بطارد المؤمنين لكم، فإن شئتم فآمنوا، وإن شئتم فاكفروا ؛ فإنكم إن كفرتم فقد أعدّ لكم ربكم على كفركم ناراً أحاط بكم سرادقها، وإن آمنتم وأطعتم فإن لكم ما وصف الله عزّ وجلّ لأهل طاعته