" صفحة رقم ١٩٨ "
قال :( فما بالكم ليس عليكم أمير ؟ ). قالوا : لا حاجة لنا إلى ذلك.
قال :( فما بالكم ليس فيكم حكّام ؟ ). قالوا : لا نختصم.
قال :( فما بالكم ليس فيكم أغنياء ؟ ). قالوا : لا نتكاثر.
قال :( فما بالكم ليس فيكم ملوك ؟ ). قالوا : لا نفتخر.
قال :( فما بالكم لا تتنازعون ولا تختلفون ؟ ). قالوا : مِن أُلفة قلوبنا وصلاح ذات بيننا.
قال :( فما بالكم لا تقتتلون ؟ ). قالوا : من أجل أنّا شُبنا أنفسنا بالأحلام.
قال :( فما بال كلمتكم واحدة، وطريقتكم مستقيمة ؟ ). قالوا : من قبل أنا لا نتكاثر، ولا نتخادع، ولا يغتال بعضنا بعضاً.
قال :( فأخبروني من أين تشابهت قلوبكم، واعتدلت سيرتكم ؟ ). قالوا : صحت صدورنا فنُزع بذلك الغل والحسد من قلوبنا.
قال :( فما بالكم ليس فيكم مسكين ولا فقير ؟ ). قالوا : من أجل أنا نقسم بالسوية.
قال :( فما بالكم ليس فيكم فظ ولا غليظ ؟ ). قالوا : من قبل الذل والتواضع.
قال :( فما جعلكم أطول النّاس أعماراً ؟ ). قالوا : من قبل أنا نتعاطى الحقّ، ونحكم بالعدل.
قال :( فما بالكم لا تضحكون ؟ ). قالوا : لا نغفل عن الاستغفار.
قال :( فما بالكم لا تحزنون ولا تحردون ؟ ). قالوا : من قبل أنّا وطّنّا أنفسنا للبلاء مذ كنّا، وأحببناه وحرصنا عليه.
قال :( فما بالكم لا يصيبكم الآفات كما يصيب النّاس ؟ ). قالوا : لأنّا لا نتوكل على غير الله، ولا نعمل الأنواء والنجوم.
قال :( وهكذا وجدتم آباءكم يفعلون ؟ ). قالوا : نعم : وجدنا آباءنا يرحمون مساكينهم، ويواسون فقراءهم، ويعفون عمّن ظلمهم، ويحسنون إلى من أساء إليهم، ويحلمون عمّن جهل عليهم، ويصلون أرحامهم، ويؤدون أمانتهم، ويحفظون وقت صلاتهم، ويوفون بعهدهم، ويصدقون في مواعيدهم، فأصلح الله عزّ وجلّ بذلك أمرهم، وحفظهم ما كانوا أحياء. وكان حقاً على الله أن يخلفهم في ذريتهم.
وروى قتادة عن أبي رافع عن أبي هريرة أن النبّي ( ﷺ ) قال :( إن يأجوج ومأجوج يحفرونه كلّ يوم حتى إذا كادوا يرون شعاع الشمس قال الذي عليهم : ارجعوا فتحفرونه غداً. فيعيده الله عزّ وجلّ كأشدّ ما كان. حتّى إذابلغت مدتهم حفروا حتى إذا كادوا يرون شعاع الشمس قال الذي عليهم : ارجعوا فستحفرونه إن شاء الله غداً، فيعود إليه وهو كهيئته حين تركوه، فيحفرونه فيخرجون على النّاس فيتبعون المياه، ويتحصن النّاس في حصونهم، فيرمون بسهامهم إلى السماء فيرجع فيها كهيئة الدم، فيقولون : قهرنا أهل الأرض وعلونا أهل السماء. فيبعث الله عزّ وجلّ نغفاً عليهم في أقفائهم فيقتلونهم ). قال رسول الله ( ﷺ ) ( والذي نفسي بيده إنّ دواب الأرض لتسمن وتسكر سكراً من لحومهم ).
وروى محمود بن قتادة عن أبي سعيد الخدري أنه قال : سمعت رسول الله ( ﷺ ) يقول :( يفتح يأجوج ومأجوج فيخرجون كما قال الله عزّ وجلّ :) وهم من كل حدب ينسلون ( فيغشون الأرض وينحاز المسلمون عنهم إلى حصونهم ومدائنهم حتى إن أولهم يمرون بالنهر من أنهار الأرض ) قال أبو الهيثم : الدجلة ( فيشربون حتى يصير يابسة، فيمر به الذين من بعدهم فيقولون : لقد كان بهذا المكان ماء مرّة، حتى إذا ظهروا على أهل الأرض قالوا : هؤلاء أهل الأرض قد فرغنا منهم، وبقي أهل السماء ).
قال ( ﷺ ) ( فيهزّ أحدهم حربته ثمّ يقذفها إلى السماء فترجع إليه مختضبة دماً للفتنة. فبينا