" صفحة رقم ١٩٩ "
هم كذلك إذ يبعث الله عزّ وجلّ عليهم دوداً كنغف الجراد فيموتون موت الجراد، فيصبح المسلمون لا يسمعون لهم حساً، فيقولون : هل من رجل يشتري لنا نفسه فينظر ما فعل هؤلاء القوم ؟ فينزل رجل منهم قد أيقن أنه مقتول، فيجدهم موتى بعضهم على بعض فينادي أصحابه : أبشروا، فقد كفاكم الله عزّ وجلّ عدوّكم. فيخرج المسلمون فيرسلون مواشيهم فيهم فما يكون لها رعىً غير لحومهم وتكثر عليه كأحسن ما تكثر على شيء من النبات أصابته قط ).
قال وهب : إنهم كانوا يأتون البحر فيشربون ماءها، ويأكلون دوابّها، ثمّ يأكلون الخشب والشجر ومن ظفروا به من النّاس، ولا يقدرون أن يأتوا مكّة ولا المدينة ولا بيت المقدس.
في قوله تعالى :) فهل نجعل لك خرجاً ( قرأ أهل الكوفة :( خراجاً ) بالألف. الباقون بغير ألف، وهما لغتان، بمعنى واحد. وقال أبو عمرو بن العلاء : الخرج : ما تبرّعت به، والخراج : ما لزمك أداؤه. ) على أن تجعل بيننا وبينهم سدّاً ( : حاجزاً فلا يصلون إلينا ؟ ) قال ( لهم ذو القرنين :) ما مكّنّي ( على الإدغام. وقرأ أهل مكة :( ما مكنني ) بنونين بالإظهار ) فيه ربّي ( وقوّاني عليه ) خير (، ولكن ) أعينوني بقوة أجعل بينكم وبينهم ردماً ( : حاجزاً كالحائط والسدّ. قالوا : وما تلك القوّة ؟ قال :( فعلة وصنّاع يحسنون البناء والعمل والآلة ). قالوا : وما تلك الآلة ؟ قال :
الكهف :( ٩٦ ) آتوني زبر الحديد.....
) آتوني زبر الحديد ( يعني : أعطوني قطع الحديد، واحدتها زبرة، فأتوه بها، فبناه ) حتى إذا ساوى بين الصدفين (، وروى مسلم بن خالد عن سعيد بن أبي صالح قال : بلغنا أنه وضع الحطب بين الجبلين، ثمّ نسج عليه الحديد، ثمّ نسج الحطب على الحديد، فلم يزل يجعل الحطب على الحديد والحديد على الحطب ) حتى إذا ساوى بين الصدفين (، وهما الجبلان بضمّ الصاد والدال، وفتحهما وأمر بالنّار فأُرسلت فيه، ثمّ ) قال انفخوا (، ثمّ جعل يفرغ القطر عليه، فذلك قوله تعالى :) آتوني أُفرغ ( : أصب عليه ) قِطراً (، وهو النحاس المذاب. قال : فجعلت النّار تأكل الحطب ويصب النحاس مكان الحطب حتى لزم الحديد النحاس.
الكهف :( ٩٧ ) فما اسطاعوا أن.....
) فما اسطاعوا أن يظهروه ( ويعلوه من فوقه، ) وما استطاعوا له نقباً ( من أسفله. قال قتادة ذُكر لنا أن رجلاً قال : يا نبيّ الله قد رأيت سد يأجوج ومأجوج. قال :( انعته لي ). قال : كالبرد المحبّر ؛ طريقة سوداء وطريقة حمراء. قال :( قد رأيته ).
الكهف :( ٩٨ ) قال هذا رحمة.....
) قال ( ذو القرنين لمّا فرغ من بنائه يعني هذا السّد :) هذا ( السّد ) رحمة ( : نعمة ) من ربّي ( ؛ فلذلك لم يقل : هذه. ) فإذا جاء وعد ربّي جعله دكّاء ( ملتزقة مستوية بالأرض من قولهم : ناقة دكّاء أي مستوية الظهر لا سنام لها. ومن قرأ :( دكّاً ) بلا مدّ فمعناه : مدكوك يومئذ، ) وكان وعد ربّي حقاً (.