" صفحة رقم ٢١٣ "
وقال قتادة وغيره : كان هارون رجلاً صالحاً من أتقياء بني إسرائيل وليس بهارون أخي موسى، ذُكر لنا أنه تبع جنازته يوم مات أربعون الفاً كلهم يسمى هارون من بني إسرائيل، وقال المغيرة بن شعبة : قال لي أهل نجران قوله :) يا أخت هارون ( وقد كان بين موسى وعيسى من السنين ما قد كان، فذكرت ذلك لرسول الله صلى اللّه عليه وآله فقال : ألا أخبرتهم أنهم كانوا يسمّون بالانبياء والصالحين من قبلهم. وقال الكلبي : كان هارون أخا مريم من أبيها ليس من أُمها وكان أمثل رجل في بني إسرائيل، وقيل : إن هارون كان من أفسق بني إسرائيل وأظهرهم فساداً فشبّهوها به، وعلى هذا القول الأُخت ها هنا بمعنى الشبه لا بمعنى النسبة، والعرب تسمي شبه الشيء أُخته وأخاه، قال الله سبحانه ) وَمَا نُرِيْهِمْ مِنْ آية إلاّ هِيَ أكْبَرُ مِنْ أُخْتِها ( أي شبهها.
) مَا كَانَ أَبُوكِ ( عمران ) امْرَأَ سُوْءٍ وَمَا كَانَتْ أُمُّكِ ( حنّة ) بَغِيّاً ( زانية فمن أين لك هذا الولد ؟
مريم :( ٢٩ ) فأشارت إليه قالوا.....
) فَأَشَارَتْ ( مريم إلى عيسى أن كلّموه فقالوا ) كَيْفَ نُكَلِّمُ مَنْ كَانَ فِي الْمَهْدِ صَبِيّاً ( أي من هو في المهد وهو حجرها، وقيل : هو المهد بعينه وقد كان حشواً للكلام ولا معنى له كقوله ) كُنْتُمْ خَيْرَ أمَّةً أُخْرِجَتْ لِلنّاسِ ( أي أنتم خير أُمة وكقوله ) هَلْ كُنْتُ إلاّ بَشَراً رَسُولاً ( أي هل أنا، وكقول الناس إن كنتَ صديقي فصلني، قال زهير :
أجرت عليه حرّة أرحبيّة
وقد كان لون الليل مثل الأرندج
وقال الفرزدق :
فكيف إذا رأيت ديار قومي
وجيران لنا كانوا كرام
أي وجيران لنا كرام، قال وهب : فأتاها زكريا عند مناظرتها اليهود فقال لعيسى : انطق بحجّتك إن كنت أُمِرْتَ بها، فقال عند ذلك وهو ابن أربعين يوماً. وقال مقاتل : هو يوم ولد.
مريم :( ٣٠ ) قال إني عبد.....
) إِنِّي عَبْدُ اللهِ ( فأقرّ على نفسه بالعبودية لله تعالى أول ما تكلم تكذيباً للنصارى وإلزاماً للحجة عليهم.
قال عمرو بن ميمون : إن مريم لما أتت قومها بعيسى اخذوا لها الحجارة ليرموها فلمّا تكلّم عيسى تركوها، قالوا : ثم لم يتكلّم عيسى بعد هذا حتى كان بمنزلة غيره من الصبيان.


الصفحة التالية
Icon