" صفحة رقم ٢٩٥ "
فحدَّثنا الإمام أبو الحسن علىّ بن سهل الماسرخسي إملاء يوم الجمعة سنة أربع وثمانين وثلاثمائة قال : أخبرنا أبو طالب عمر بن الربيع بن سليمان الخشّاب بمصر قال : حدَّثنا يحيى بن أيوب العلاّف قال : حدَّثنا سعيد بن أبي مريم قال : حدَّثنا نافع بن يزيد عن عقيل عن شهاب عن أنس بن مالك قال : قال رسول الله ( ﷺ ) ( إن أيوب نبيّ الله لبث به بلاؤه ثماني عشرة سنة، فرفضه القريب والبعيد إلاّ رجلين من إخوانه كانا يغدوان إليه ويروحان، فقال أحدهما لصاحبه ذات يوم : والله لقد أذنب أيوب ذنباً ما أذنبه أحد من العالمين، فقال له صاحبه : وما ذاك ؟ قال : منذ ثماني عشرة سنة لم يرحمه الله فيكشف ما به، فلمّا راحا إلى أيوّب لم يصبر الرجل حتى ذكر ذلك، فقال أيّوب : ما أدري ما يقولان غير أنّ الله سبحانه يعلم أني كنت أمرّ بالرجلين يتنازعان فيذكران الله سبحانه وتعالى، فأرجع إلى بيتي فأكفّر عنهما كراهية أن يذكرا الله إلاّ في حقّ ).
قال : فكان يخرج بحاجته فإذا قضى حاجته أمسكت امرأته بيده حتى يبلغ، فلمّا كان ذات يوم أبطأعليها، وأُوحي إلى أيّوب في مكانه ) اركض برجلك هذا مغتسل بارد وشراب ( فاستبطأته فتلقته تنظر، وأقبل عليها وقد أذهب الله ما به من البلاء وهو أحسن ما كان، فلمّا رأته قالت : هل رأيت نبىّ الله هذا المبتلى ؟ قال : إنّي أنا هو، وكان له اندران : أندر للقمح وأندر للشعير، فبعث الله سبحانه سحابتين، فلمّا كانت أحداهما على أندر القمح أفرغت فيه الذهب حتى فاض، وأفرغت الأُخرى في أندر الشعير الوَرَق حتى فاض.
وقال الحسن : مكث أيّوب مطروحاً على كناسة في مزبلة لبني إسرائيل سبع سنين وأشهراً تختلف فيه الدوابّ.
وقال وهب : لم يكن بأيّوب أكلة إنّما كان يخرج منه مثل ثدي النّساء ثم يتفقّأ.
قال الحسن : ولم يبق له مال ولا ولد ولا صديق ولا أحد يقرّبه غير رحمة صبرت معه، تصّدّق وتأتيه وتحمد الله إذا حمد، وأيّوب على ذلك لا يفتر من ذكر الله سبحانه والثناء عليه والصبر على ما ابتلاه، فصرخ عدوّ الله إبليس صرخة جمع فيها جنوده من أقطار الأرض جزعاً من صبر أيوّب فلمّا اجتمعوا إليه قالوا : ما جزعك ؟ قال : أعياني هذا العبد الذي سألت ربّي أن يسلّطني على ماله وولده فلم أدع له مالاً، وولداً فلم يزدد بذلك إلاّ صبراً وثناءً على الله سبحانه، ثمّ سلّطت على جسده فتركته قرحة ملقاة على كناسة بني إسرائيل، لا تقربه إلاّ إمرأته، فقد افتضحت بربي فاستعنت بكم لتعينوني عليه، قالوا له : أين مكرك ؟ أين عملك الذي أهلكت به من مضى