" صفحة رقم ٣٠٨ "
) وَهُمْ مِنْ كُلِّ حَدَبٍ ( أي نشز وتلّ ) يَنسِلُونَ ( يخرجون مشاة مسرعين كنسلان الذئب.
واختلف العلماء في هذه الكناية فقال قوم : عنى بهم يأجوج ومأجوج، واستدَلّوا بحديث أبي سعيد الخدري عن رسول الله ( ﷺ ) قال : يفتح يأجوج ومأجوج فيخرجون على الناس كما قال الله سبحانه ) مِن كُلّ حَدبٍ يَنْسِلون ( فيغشون الأرض.
وروى عبد الله بن مسعود عن رسول الله ( ﷺ ) فيما يذكر عن عيسى قال :( قال عيسى : عهد إليَّ ربي أنّ الدجّال خارج وأنّه مهبطي إليه، فذكر أنّ معه قصبتين فإذا رآني أهلكه الله، قال : فيذوب كما يذوب الرصاص حتى أنَّ الشجر والحجر ليقول : يا مسلم هذا كافر فاقتله، فيهلكهم الله عزّ وجلّ ويرجع الناس إلى بلادهم وأوطانهم، فيستقبلهم يأجوج ومأجوج من كلّ حدب ينسلون، لا يأتون على شيء إلاّ أهلكوه ولا يمرّون على ماء إلاّ شربوه ).
وقال آخرون : أراد جميع الخلق، يعني أنّهم يخرجون من قبورهم ومواضعهم فيحشرون إلى موقف القيامة، تدلّ عليه قراءة مجاهد : وهم من كلّ جدث بالجيم والثاء يعني القبر اعتباراً بقوله سبحانه ) فَإذِا هُمْ مِنَ الأجْدَاثِ إلى رَبّهِم يَنْسِلُون (.
الأنبياء :( ٩٧ ) واقترب الوعد الحق.....
) وَاقْتَرَبَ الْوَعْدُ الْحَقُّ ( يعني القيامة، قال الفرّاء وجماعة من العلماء : الواو في قوله ( واقترب ) مقحم ومجاز الآية : حتى إذا فتحت يأجوج ومأجوج اقترب الوعد الحقّ، نظيرها قوله ) فَلَمّا أسْلَمَااَوتَلَّهُ للجَبِين وناديناه ( أي ناديناه. قال امرؤ القيس :
فلمّا أجزنا ساحة الحىّ وانتحى
بباطن خبت ذي قفاف عقنقل
يُريد انتحى، ودليل هذا التأويل حديث حذيفة قال : لو أنّ رجلاً اقتنى فلْواً بعد خروج يأجوج ومأجوج لم يركبه حتّى تقوم الساعة.
وقال الزجّاج : البصريون لا يجيزون طرح الواو ويجعلون جواب حتى إذا فتحت في قوله ( يا ويلنا ) وتكون مجازاً الآية ) حتّى إذا فُتِحَت يأجُوجُ وَمأجوجُ وَاقْترَبَ الوَعد الحَقُّ قالوا يا وَيلَنا قَد كُنّا في غَفْلة من هذا (.
) فَإِذَا هِيَ شَاخِصَةٌ أَبْصَارُ الَّذِينَ كَفَرُوا ( في قوله ) هي ( ثلاثة أوجه :
أحدها : أن تكون هي كناية عن الأبصار ويكون الأبصار الظاهرة بياناً عنها كقول الشاعر


الصفحة التالية
Icon