" صفحة رقم ٦٥ "
ولم أطعمه أمة قبلهم ونصرتك بالرعب على عدوك مسيرة شهر، وأنزلت عليك سيد الكتب كلها ومهيمناً عليها قرآناً فرقناه ورفعت لك ذكرك فتذكر كلما ذكرت في شرائع ديني، وأعطيتك مكان التوراة المثاني ومكان الانجيل المبين ومكان الزبور الحواميم، وفضلتك بالمفصّل وشرحت لك صدرك ووضعت عنك وزرك وجعلت أمتك خير أمة أخرجت للناس وجعلهم أمة وسطاً وجعلتهم الأولين وهم الآخرون فخذما أتيتك وكن من الشاكرين ).
قال ( ﷺ ) ( ثمّ فوّض لي بعهد بعدها أمور لم يؤذن لي أن أخبركم بها ثمّ فرضت عليَّ وعلى أُمتي في كل يوم وليلة خمسون صلاة فلما شهد اليَّ بعهده وتركني عنده ما شاء قال لي : إرجع إلى قومك فبلغهم عني فَحملني الرفرف الأخضر الذي كنت عليه يخفضني ويرفعني حتّى أهوى بي إلى سدرة المنتهى فإذا أنا بجبرئيل ( عليه السلام ) أبصره خلفي بقلبي كما أبصر بعيني أمامي، فقال لي جبرئيل : ابشر يا محمّد فإنك خير خلق الله وصفوته من النبيين حياك الله بما لم يحيي به أحداً من خلقه لا ملكاً مقرباً ولا نبياً مرسلاً ولقد وضعك مكاناً لم يصل إليه أحد من أهل السماوات والأرض فهنّاك الله كرامته وما حباك من المنزلة الأثيرة والكرامة الفائقة، فخذ ذلك وإشكر فإن الله منعم يحب الشاكرين.
فحمدت الله على ذلك ثمّ قال لي جبرئيل : إنطلق يا محمّد إلى الجنة حتّى أُريك مالكَ فيها فتزداد بذلك في الدنيا زهادة إلى زهادتك وفي الآخرة رغبة إلى رغبتك فسرنا نهوي منفضين أسرع من السهم والريح حتّى وصلنا بإذن الله إلى الجنة فهدأت نفسي ( وثاب ) إليَّ فؤادي وأنشأت أسأل جبرئيل عما كنت رأيت ( في الجنة ) من البحور والنار والنور وغيرها، فقال : سبحان الله تلك سرادقات عرش رب العزة التي أحاطت بعرشه فهي سترة الخلائق من نور الحجب ونور العرش لولا ذلك لأحرق نور العرش ونور الحجب من تحت العرش من خلق الله ومالم تره أكثر وأعجب، قلت : سبحان الله ما أكثر عجائب خلقه.
قلت : يا جبرئيل ومن الملائكة الذين رأيتهم في تلك البحور الصفوف بعد الصفوف كأنهم بنيان مرصوص ؟
قال : يا رسول الله هم الروحانيون الذين يقول الله :) يوم يقوم الروح والملائكة ( ومنهم الروح الأعظم، ثمّ بعد ذلك قلت : ياجبرئيل فمن الصف الواحد الذين في البحر الأعلى فوق الصفوف كلها قد أحاطوا بالعرش ؟ قال : هم الكروبيون أشراف الملائكة وعظمائهم ولايجتري أحد من الملائكة أن ينظر إلى ملك من الكروبيين وهم أعظم شأنا من أن أصف صفتهم لك وكفى مارأيت منهم، ثمّ طاف بي جبرئيل في الجنة بإذن الله فما نزل منها مكاناً إلاّ رأيته وأخبرني عنه فرأيت القصور من الدر والياقوت والاستبرق والزبرجد ورأيت الأشجار من الذهب الأحمر قضبانهم اللؤلؤ وعروقهن الفضة راسخة في المسك فلأنا أعرف بكل قصر وبيت وغرفة وخيمة ونهر وثمر في الجنة مني بما في مسجدي هذا


الصفحة التالية
Icon