" صفحة رقم ٧٦ "
من بني إسرائيل يقرأ حتّى إذا بلغ ) بَعَثْنَا عَلَيْكُمْ عِبَاداً لَنَا أُولِي بَأس شَدِيد ( بكى وفاضت عيناه ثمّ أطبق المصحف وقال : أي رب أرني هذا الرجل الذي جعلت هلاك بني إسرائيل على يديه فأُري في المنام مسكيناً ببابل يقال له : بخت نصر فانطلق بمال ( وبأعبد له ) وكان رجلاً موسراً ( وقيل له أين ) تريد ؟
قال : أريد النجارة حتّى نزل داراً ببابل ( فأستكبر ) إلهاً ليس فيها أحد غيره فجعل يدعو المساكين ويتلطف بهم حتى لا يأتيه أحد فقال : هل بقيَّ غيركم مسكين ؟ قالوا : نعم مسكين ( يفتح الفلان مريض ) يقال له : بخت نصر، فقال لغلمانه : انطلقوا حتى أتاه، فقال : ما أسمك ؟ قال : بخت نصر، فقال لغلمانه إحتملوه فنقل عليه فمرّضه حتّى برأ فكساه وأعطاه نفقة ثمّ أذن الاسرائيلي بالرحيل فبكى بخت نصر، فقال الاسرائيلي : ما يبكيك ؟
قال : أبكي إنك فعلت بي مافعلت ولا أجد شيئاً أجزيك، قال : بلى شيئاً يسراً إن ملكت أطعتني فجعل لا يتبعه فيما سأل فقال : تستهزيء بي ولا يمنعه أن يعطيه ما سأل إلاّ أنه يرى أنه يستهزيء به قبلي الاسرائيلي، فقال : لقد علمت ما يمنعك أن تعطيني ما سألتك إلاّ أن الله يريد أن ينفذ ما قد قضى وكتب في كتابه وضرب الدهر من ضربه.
قال صيحورا ملك فارس ببابل : لو إنا بعثنا طليعة إلى الشام قالوا : وما ضرك لو فعلت ؟ قال فمن ترون قال : فلان فبعث رجلاً وأعطاه مائة ألف وخرج بخت نصر في مطبخه لا يخرج إلاّ ليأكل في مطبخه.
فلما قدم الشام رأى صاحب الطليعة أكثر أرض الله فرساً ورجالاً ( جاء وقد كسر ) ذلك في ذرعه فلم يسأل قال : فجعل بخت نصر يجلس مجالس أهل الشام فيقول : ما يمنعكم أن تغزوا بابل فإذا غزوتموها مادون بيت مالها شيء.
قالو : لا نحسن القتال، قال : ولو أنكم غزوتهم قالوا : لا نحسن القتال ولا نقاتل حتّى أنفذ مجالس أهل الشام، ثمّ رجعوا فأخبر الطليعة ملكهم بما رأى وجعل بخت نصر يقول لفوارس الملك : لو دعاني الملك لأخبرته غير ما أخبره فلان، فرفع ذلك إليه فدعاه فأخبره الخبر وقال : إن فلاناً لما رأى أكثر أرض الله فرساً ورجالا جلداً كبر ذلك في روعه ولم يسألهم عن شيء، قال : لم أدع مجلساً شيئاً بالشام ( الاجال واصله ) فقلت لهم : كذا وكذا، فقالوا لي : كذا وكذا.
قال سعيد بن جبير : وقال صاحب الطليعة لبخت نصر : إن صحبتني أعطي لك مائة الف وتنزع عما قلت. قال : لو أعطيتني بيت مال بابل لما نزعت فضرب الدهر من ضربة، فقال الملك : لو بعثنا جريدة خيل إلى الشام، فإن وجدوا مساغاً وإلا انثنوا ما قدورا عليه، قال : وما ضرّك لو فعلت، قال : فمن ترون ؟ قالوا : فلان. قال : هل الرجل الذي ( أخبرني بما أخبرني


الصفحة التالية
Icon