" صفحة رقم ١٠٥ "
ثمَّ قال سبحانه ) يكاد زيتها تضيء ( من صفائه وضيائه. ) ولو لم تمسَسهُ نارٌ ( قيل : أن تصيبه نار، واختلف العلماء في معنى هذا المثل والممّثل وفي المعنيّ بالمشكاة والزجاجة والمصباح، فقال قوم : هذا مثل ضربه الله سبحانه لنبّيه محمد ( ﷺ ) وقال شمر بن عطية : جاء ابن عباس إلى كعب الأحبار فقال له : حدّثني عن قوله سبحانه وتعالى ) مثل نوره كمشكوة ( الآية فقال كعب : هذا مثل ضربه الله سبحانه لمحمد ( ﷺ ) فالمشكاة صدره، والزجاجة قلبه، والمصباح فيه النبوّة، توقد من شجرة مباركة وهي شجرة النبوّة، يكاد نور محمد وأمره يتبّين للناس ولو لم يتكلّم أنّه نبىّ كما يكاد ذلك الزيت يضيء ولو لم تمسَسه نار.
أخبرنا أبو بكر الجوزقي قال : حدّثنا أبو عثمان البصري قال : حدّثنا أحمد بن سلمة قال : حدّثنا الحسين بن منصور قال : حدّثنا أبان بن راشد الحرزي قال : حدّثنا الوراع بن نافع عن سالم عن ابن عمر في هذه الآية قال : المشكاة جوف محمد، والزجاجة قلبه، والمصباح النور الذي جعل الله فيه، لا شرقية ولا غربية لا يهودي ولا نصراني، توقد من شجرة مباركة إبراهيم، نور على نور النور الذي جعل الله في قلب إبراهيم كما جعل في قلب محمد ( ﷺ )
وقال محمد بن كعب القرظي : المشكوة إبراهيم، والزجاجة إسماعيل، المصباح محمد ( ﷺ ) سمّاه الله مصباحاً كما سمّاه سراجاً فقال عزَّ من قائل ) وسراجاً منيراً ( ) يوقد من شجرة مباركة ( وهي إبراهيم، سمّاه مباركاً لأنَّ أكثر الأنبياء كانوا من صلبه، لا شرقية ولا غربية يعني إبراهيم لم يكن يهودياً ولا نصرانياً ولكن كان حنيفاً مسلماً، وإنّما قال ذلك لأنّ اليهود تصلّي قِبل المغرب والنصارى قِبل المشرق ) يكاد زيتها يضيء ولو لم تمسَسه نار ( يعني تكاد محاسن محمد تظهر للناس قبل أن أُوحي إليه ) نورٌ على نور ( أي نبيّ من نسل نبيّ.
وروى مقاتل عن الضحّاك قال : شبّه عبد المطّلب بالمشكاة وعبد الله بالزجاجة والنبي ( ﷺ ) بالمصباح، كان في صلبهما فورث النبوّة من إبراهيم ( عليه السلام ) ) يوقد من شجرة مباركة زيتونة لا شرقية ولا غربية ( بل هي مكيّة لأنّ مكة وسط الدنيا.
ووصف بعض البلغاء هذه الشجرة فقال : هي شجرة التُقى والرضوان وشجرة الهدى والإيمان شجرة أصلها نبوّة، وفرعها مروّة، وأغصانها تنزيل، وورقها تأويل، وخدمها جبرئيل وميكائيل.
وقال آخرون : هذا مَثَل ضربه الله سبحانه للمؤمن.
روى الربيع بن أنس عن أبي العالية عن أُبي بن كعب قال : هذا مثل المؤمن، فالمشكاة نفسه، والزجاجة صدره، والمصباح ما جعل الله سبحانه من الإيمان والقرآن في قلبه، توقد من


الصفحة التالية
Icon