" صفحة رقم ١٣٠ "
والتخفيف ههنا وفي سورة ق، وقرأ الآخرون بالتشديد فيهما على معنى تنشق السماء بالغمام أي عن الغمام، والباء وعن يتعاقبان كما يقال : رميت عن القوس وبالقوس بمعنى واحد.
وقال المفسّرون : وهو غمام أبيض رقيق مثل الضبابة ولم يكن لبني إسرائيل في تيههم، وهو الذي قال الله سبحانه وتعالى ) هل ينظرون إلا أن يأتيهم الله في ظلل من الغمام والملائكة ( ) ونزّل الملائكة تنزيلاً ( هكذا قراءة العامة، وقرأ ابن كثير ونُنزل بنونين الملائكة نصبٌ
الفرقان :( ٢٦ ) الملك يومئذ الحق.....
) الملك يومئذ الحقُ للرحمن ( خالصاً وبطلت ممالك غيره ) وكان يوماً على الكافرين عسيراً ( صعباً شديداً نظيرها قوله سبحانه ) فذلك يومئذ يوم عسير على الكافرين غير يسير ( والخطاب يدلّ على أنّه على المؤمنين يسير.
وفي الحديث : إنّه ليهوّن يوم القيامة على المؤمن حتى يكون أخفّ عليه من صلاة مكتوبة صلاّها في دار الدنيا.
الفرقان :( ٢٧ ) ويوم يعض الظالم.....
) ويوم يعَضُّ الظالم على يديه ( الآية. نزلت في عقبة بن أبي معيط وأُبي بن خلف وكانا متحابّين وذلك أنّ عقبة كان لا يقدم من سفر إلاّ صنع طعاماً فدعا إليه أشراف قومه وكان يكثر مجالسة النبي ( ﷺ ) فقدم من سفره ذات يوم فصنع طعاماً فدعا الناس ودعا رسول الله ( ﷺ ) إلى طعامه، فلمّا قرّب الطعام، قال رسول الله ( ﷺ ) ( ما أنا بآكل من طعامك حتى تشهد أن لا إله إلاّ الله وأني رسول الله ) فقال عقبة : أشهد أن لا إله إلاّ الله وأنَّ محمداً رسول الله، فأكل رسول الله ( ﷺ ) من طعامه وكان أُبىّ بن خلف غائباً، فلمّا أُخبر بالقصة قال : صبأت يا عقبة : قال : لا والله ما أصبأت ولكن دخل عليّ رجل فأبى أن يطعم من طعامي ألاّ أن أشهد له فاستحييت أن يخرج من بيتي ولم يطعم، فشهدت له فطعم.
فقال أُبَىّ : ما أنا بالذي أرضى منك أبداً إلاّ أن تأتيه فتبزق في وجهه وتطأ عنقه، ففعل ذلك عقبة وأخد رحم دابّة فألقاها بين كتفيه، فقال رسول الله ( ﷺ ) لا ألقاك خارجاً من مكّة إلاّ علوت رأسك بالسيف ). فقُتل عقبة يوم بدر صبراً، وأما أُبىّ بن خلف فقتله النبي ( ﷺ ) بيده يوم أُحد في المنابزة، وأنزل الله فيهما هذه الآية.
وقال الضحّاك : لمّا بزق عقبة في وجه رسول الله ( ﷺ ) عاد بزاقه في وجهه وانشعب شعبتين فأحرق خدّيه، فكان أثر ذلك فيه حتّى الموت.