" صفحة رقم ١٦٧ "
وقال الفرّاء : هو من المقلوب أراد فإنّي عدو لهم لأنّ مَن عاديَته عاداك.
ثم قال ) إلاّ رب العالمين ( نصب بالاستثناء يعني فإنهم عدو لي وغير معبود لي إلاّ ربّ العالمين فإنّي أعبده، قاله الفرّاء، وقيل : هو بمعنى لكن، وقال الحسن بن الفضل : يعني الأمر عند رب العالمين.
الشعراء :( ٧٨ ) الذي خلقني فهو.....
ثم وصفه فقال ) الذي خلقني فهو يهدين ( أخبر أن الهادي على الحقيقة هو الخالق لا هادي غيره.
قال أهل اللسان : الذي خلقني في الدنيا على فطرته فهو يهديني في الآخرة إلى جنته.
الشعراء :( ٧٩ ) والذي هو يطعمني.....
) والذي هو يطعمني ويسقين ( يعني يرزقني ويربيني.
وقال أبو العباس بن عطاء : يعني يطعمني أيّ طعام شاء، ويسقيني أيّ شراب شاء.
قال محمد بن كثير العبدي : صحبت سفيان الثوري بمكة دهراً فكان يستف من السبت إلى السبت كفّاً من رمل.
وسمعت أبا القاسم بن حبيب يقول : سمعت أبا الحسن محمد بن علي بن الشاه يقول : سمعت أبا عبد الله محمد بن علي بن حمدان يقول : سمعت الحجاج بن عبد الكريم يقول : خرجت من بلخ في طلب إبراهيم بن أدهم فرأيته بحمص في أتون يسجّرها فسلّمت عليه وسألته عن حاله، فردّ عليَّ السلام وسألني عن حالي وحال أقربائه، فكنت معه يومه ذلك فقال : لعلّ نفسك تنازعك إلى شيء من طعام ؟ فقلت : نعم فأخذ رماداً وتراباً فخلطهما وأكلهما ثمَّ أقبل بوجهه عليَّ وانشأ يقول :
اخلط الترب بالرماد وكُلْه
وازجر النفس عن مقام السؤالِ
فإذا شئت ان تقبّع بالذلّ
فرم ما حوته أيدي الرجال
فخرجت من عنده فمكثت أياماً لم أدخل عليه فاشتدّ شوقي إليه، فدخلت عليه وكنت عنده فلم يتكلّم بشيء فقلت له : لِمَ لا تكلّم ؟ فقال :
مُنع الخطاب لأنه سبب االردى
والنطق فيه معادن الآفاتِ
فإذا نطقتَ فكن لربّك ذاكراً
وإذا سكتَّ فعدّ جسمك مات
قال أبو بكر الوراق : يطعمني بلا طعام ويسقيني بلا شراب، ومجازها : يشبعني ويرويني من غير علاقة، كقول النبي ( ﷺ ) ( إنّى أبيت يطعمني ربّي ويسقيني ). يدلّ عليه حديث السقاء في عهد النبي ( ﷺ ) حيث سمع النبي ( ﷺ ) ثلاثة أيام يقرأ ) وما مِن دابة في الأرض إلاّ على


الصفحة التالية
Icon