" صفحة رقم ١٩٢ "
واختلف العلماء في حكم هذا الاستثناء ومعنى الآية، فقال الحسن وابن جريج : قال الله سبحانه ( يا موسى إنّما أخفتك لقتلك ).
قال الحسن : وكانت الأنبياء تذنب فتعاقب، ثم تذنب والله فتعاقب.
قال ابن جريج : فمعنى الآية : لا يخيف الله سبحانه الأنبياء بذنب يصيبه أحدهم، فإن أصابه أخافه حتى يتوب، فقوله
النمل :( ١١ ) إلا من ظلم.....
) إلاّ ( على هذا التأويل استثناء صحيح، وتناهى الخبر عن الرسل عند قوله ) إلاّ من ظلم ( ثم ابتدأ الخبر عن حال من ظلم من الرسل وغيرهم من الناس، وفي الآية استغنى عنه بدلالة الكلام عليه تقديرها ( فمن ظلم ثمّ بدّل حسناً بعد سوء فإنّي غفور رحيم )
وقال الفرّاء : يقول القائل : كيف صيّر خائفاً من ظلم ثم بدّل حُسناً بعد سوء وهو مغفور له ؟
فأقول له : في الآية وجهان :
أحدهما : أن تقول أنّ الرسل معصومة، مغفور لها، آمنة يوم القيامة، ومن خلط عملاً صالحاً وآخر سيئاً من سائر الناس فهو يخاف ويرجو، فهذا وجه.
والآخر : أن يجعل الاستثناء من الذين تركوا في الكلمة لأنّ المعنى ) لا يخاف لديّ المرسلون ( إنما الخوف على غيرهم.
ثمَّ استثنى فقال عزَّ من قائل :) إلاّ من ظَلم ( يقول : كان مشركاً فتاب من الشرك وعمل حسنةً مغفور له وليس بخائف.
قال : وقد قال بعض النحوييّن :) إلاّ ( ههنا بمعنى الواو يعني : ولا من ظلم منهم كقوله سبحانه ( لئلاّ يكون للناس عليهم حجّة إلاّ الذين ظلموا منهم ).
وقال بعضهم : قوله ) إلاّ ( ليس باستثناء من المرسلين لأنّه لا يجوز عليهم الظلم وإنّما معنى الآية : لكن من ظلم فعليه الخوف فإذا تاب أزال الله سبحانه وتعالى عنه الخوف.
النمل :( ١٢ ) وأدخل يدك في.....
) وأدخل يدك في جيبك ( وإنّما أمره بإدخال يده في جيبه لأنّه كان عليه في ذلك الوقت مدرعة من صوف، ولم يكن لها كُمٌّ، قاله المفسّرون.
) تخرج بيضاء من غير سوء ( برص وآفة ) في تسع آيات ( يقول هذه آية مع تسع آيات أنت مُرسَل بهنَّ.
) إلى فرعون وقومه ( فترك ذكر مرسل لدلالة الكلام عليه، كقول الشاعر :
رأتني بحبليها فصدّت مخافةً
وفي الحبل روعاء الفؤاد فروق


الصفحة التالية
Icon