" صفحة رقم ٢٢٧ "
المفسّرين، يدلّ عليه قول النبي ( ﷺ ) ( كيف أنعم وصاحب القرن قد التقم القرن، وحنى جبهته ينتظر متى يُؤمَر فينفخ ).
وقال قتادة وأبو عبيدة : هو جمع صورة يقال : صورة وصور، وصور : مثل سور البناء والمسجد، وجمعها سور وسئور وأنشد أبو عبيدة :
سرت إليها في أعالي السور
فمعنى الآية : ونفخ في صور الخلق.
وقد ورد في كيفيّة نفخ الصور حديث جامع صحيح وهو ما أخبرنا الإمام أبو إسحاق إبراهيم بن محمّد بن إبراهيم المهرجاني قراءة عليه أبو بكر محمّد بن عبدالله بن إبراهيم الشافعي ببغداد، قال : أخبرني أبو قلابة الرقاشي قال : أخبرني أبو عاصم الضحّاك بن مخلد، عن إسماعيل بن رافع، عن محمّد بن كعب القرظي، عن رجل من الأنصار، عن أبي هريرة قال : قال رسول الله ( ﷺ ) إنّ الله عزّ وجلّ لمّا فرغ من خلق السماوات والأرض خلق الصور فأعطاه إسرافيل وهو واضعه على فيه، شاخص بصره إلى العرض ينتظر متى ؟
قال : قلت يا رسول الله : وما الصور ؟ قال : القرن، قال : قلت : كيف هو ؟ قال : عظيم، والذي بعثني بالحقّ إنّ أعظم داره فيه كعرض السماء والأرض، فينفخ فيه بثلاث نفخات : الأُولى نفخة الفزع، والثانية نفخة الصعق، والثالثة نفخة القيام لربّ العالمين، فأمر الله عزّ وجل إسرافيل ( عليه السلام ) بالنفخة الأولى فيقول : انفخ نفخة الفزع فيفزع من في السموات والأرض إلاّ من شاء الله، فيأمره فيمدّها ويطيلها وهو الذي يقول الله عزّ وجلّ :) وما ينظر هؤلاء إلاّ صيحة واحدة ما لها من فواق ( فيسيّر الله عزّ وجلّ الجبال فيمرّ من السحاب فيكون سراباً، وترجّ الأرض بأهلها رجّاً فيكون كالسفينة الموثّقة في البحر، تضربها الأمواج وتلقيها الرياح، أو كالقنديل المعلّق بالعرش يرجّحه الأرواح وهي التي يقول الله عزّ وجلّ :) يوم ترجف الراجفة تتبعها الرادفة قلوبٌ يومئذ واجفة ( فتمتدّ الأرض بالناس على ظهرها فتذهل المراضع وتضع الحوامل ويشيب الولدان، وتطير الشياطين هاربة من الفزع حتى يأتي الأقطار فتلقّاها الملائكة تضرب وجوهنا، فيرجع ويولّي الناس مدبرين ينادي بعضهم بعضاً، وهو الذي يقول الله عزّ وجلّ ) يوم التناد يوم يولّون مدبرين ما لكم من الله من عاصم (.
فبينا هم كذلك إذ تصدّعت الأرض من قطر إليّ قطروا أو أمراً عظيماً لم يروا مثله، وأخذهم من الكرب والهول ما الله به عليمٌ، ثمّ نظروا إلى السماء فهي كالمهل، ثمّ انشقّت فتناثرت نجومها وانكشفت شمسها وقمرها