" صفحة رقم ٢٣٦ "
الله تعالى رزقه في إبهامه يمصّه لبناً، فألقى الله سبحانه لموسى ( عليه السلام ) المحبة في قلب آسية، وأحبّه فرعون وعطف عليه، وأقبلت بنت فرعون، فلمّا أخرجوا الصبي من التابوت عمدت بنت فرعون إلى ما كان يسيل من ريقه، فلطخت به برصها، فبرأت فقبّلته وضمّته إلى صدرها.
فقال الغواة من قوم فرعون : أيها الملك إنّا نظن إنّ ذلك المولود الذي نحذر منه من بني إسرائيل هو هذا، رمي به في البحر فَرَقاً منك فاقتله، فهمّ فرعون بقتله، قالت آسية : قرة عين لي ولك، لا تقتله عسى أن ينفعنا أو نتخذه ولداً، وكانت لا تلد، فاستوهبت موسى من فرعون، فوهبه لها، وقال فرعون : أما أنا فلا حاجة لي فيه، فقال رسول الله ( عليه السلام ) :( لو قال فرعون يومئذ هو قرة عين لي كما هو لك مثل قالت امرأته لهداه الله سبحانه كما هداها، ولكن أحب الله عز وجل أن يحرمه للذي سبق في علم الله ).
فقيل لآسية : سمّيه، قالت : سميته موشا لأنّا وجدناه في الماء والشجر، ف ( مو ) هو الماء، و ( شا ) : هو الشجر.
القصص :( ٨ ) فالتقطه آل فرعون.....
فذلك قوله سبحانه :) فالتقطه ( أي فأخذه، والعرب تقول لما وردت عليه فجأة من غير طلب له ولا إرادة : أصبته التقاطاً، ولقيت فلاناً التقاطاً، ومنه قول الراجز :
ومنهل وردته التقاطاً
لم ألق إذ وردته فراطاً
ومنه اللقطة وهو ما وجد ضالاًّ فأخذ، ) آل فرعون ليكون لهم ( هذه اللام تسمى لام العاقبة، ولام الصيرورة، لأنّهم إنما أخذوه ليكون لهم قرّة عين، فكان عاقبة ذلك أنّه كان لهم، ) عدوّاً وحزناً (، قال الشاعر :
فللموت تغذو الوالدات سخالها
كما لخراب الدور تُبنى المساكن
) عدوّاً وحزناً ( قرأ أهل الكوفة بضم الحاء وجزم الزاي، وقرأ الآخرون بفتح الحاء والزاي، واختاره أبو عبيد، قال : للتفخيم، واختلف فيه غير عاصم، وهما لغتان مثل العدْم والعَدَم، والسُقْم والسَقَم ) إنّ فرعون وهامان وجنودهما كانوا خاطئين ( عاصين آثمين.
القصص :( ٩ ) وقالت امرأة فرعون.....
) وقالت امرأت فرعون قُرّت عين ( أي هو قرّة عين، ) لي ولك لا تقتلوه ( فإنّ الله أتانا به من أرض أُخرى وليس من بني إسرائيل، ) عسى أن ينفعنا أو نتّخذه ولداً وهم لا يشعرون (


الصفحة التالية
Icon