" صفحة رقم ٢٠١ "
وقال مقاتل :) حب الخير ( يعني المال وهي الخيل التي عرضت عليه ) عن ذكر ربي ( يعني الصلاة، نظيرها ) لا تلهيهم تجارة ولابيع عن ذكر الله (، ) حتى توارت ( يعني الشمس، كناية عن غير مذكور.
كقول لبيد :
حتّى إذا ألقت يداً في كافر
يعني الشمس ) بالحجاب ( وهو جبل دون قاف بمسيرة سنة، تغرب الشمس من ورائها.
) ردوها ( كرّوها ) عليَّ فَطَفِقَ مَسْحاً بِالسُّوقِ وَالأعْنَاقِ ( أي فأقبل يمسح سوقها وأعناقها بالسيف، وينحرها تقرباً بها إلى الله سبحانه وطلباً لرضاه، حيث اشتغل بها عن طاعته، وكان ذلك قرباناً منه ومباحاً له، كما أُبيح لنا ذبح بهيمة الأنعام.
وقال قوم : معناه حبسها في سبيل الله، وكوى سوقها وأعناقها بكيّ الصدقة.
ويقال للكيّة على الساق : علاظ، وللكيّة على العنق : دهاو.
وقال الزهري وابن كيسان : كان يمسح سوقها وأعناقها، ويكشف الغبار عنها حباً لها. وهي رواية ابن أبي طلحة عن ابن عبّاس.
ص :( ٣٤ ) ولقد فتنا سليمان.....
) وَلَقَدْ فَتَنَّا سُلَيْمَانَ ( هذه قصة محنة نبي الله سليمان وسبب زوال ملكه مدة، واختلفوا في سبب ذلك.
فروى محمّد بن إسحاق عن بعض العلماء قال : قال وهب بن منبه : سمع سليمان بمدينة في جزيرة من جزائر البحر يقال لها صيدون، بها ملك عظيم الشأن لم يكن للناس إليه سبيل لمكانه في البحر، وكان الله قد أتى سليمان في ملكه سلطاناً لا يمتنع عليه شيء في بر ولا بحر، إنما يركب إليه ( إذا ركب على ) الريح، فخرج إلى تلك المدينة تحمله الريح على ظهر الماء حتى نزل بها بجنوده من الجنّ والإنس، فقتل ملكها واستقام فيها وأصاب فيما أصاب بنتاً لذلك الملك يقال لها : جرادة، لم يرَ مثلها حسناً وجمالاً، واصطفاها لنفسه ودعاها إلى الإسلام، فأسلمت على جفاء منها وقلة ثقة، وأحبها حباً لم يحبه شيئاً من نسائه، وكانت على منزلتها عنده، لايذهب حزنها ولايرقأ دمعها، فشق ذلك على سليمان فقال لها : ويحك ما هذا الحزن الذي لا يذهب والدمع الذي لايرقأ ؟
قالت : إن أبي أذكره وأذكر ملكه وما كان فيه وما أصابه فيحزنني ذلك.


الصفحة التالية
Icon