" صفحة رقم ٢٠٥ "
التوراة طار من بين أيديهم حتّى وقع على شرفة والخاتم معه، ثم طار حتّى ذهب إلى البحر فوقع الخاتم منه في البحر فابتلعته حوت.
قال : فأقبل سليمان في حاله التي كان فيها، حتّى انتهى إلى صياد من صيادي البحر وهو جائع وقد إشتد جوعه، فاستطعمه من صيدهم، وقال : إني أنا سليمان.
فقام إليه بعضهم فضربه بعصاً فشجه.
قال : فجعل يغسل دمه وهو على شاطىء البحر، فلام الصيادون صاحبهم الذي ضربه، وقالوا : بئس ما صنعت حين ضربته.
فقال : إنه زعم أنه سليمان. فأعطوه سمكتين ممّا قد مذر عندهم، فلم يشغله ما كان به من الضرب، حتّى قام إلى شط البحر فشق بطونهما وجعل يغسلهما، فوجد خاتمه في بطن أحديهما فأخذه فلبسه، فردَّ الله عليه ملكه وبهاءه، وجاءت الطير حتّى حامت عليه، فعرف القوم أنه سليمان، فقاموا يعتذرون مما صنعوا.
فقال : ما أحمدكم على عذركم ولا ألومكم على ما كان منكم هذا أمر كان لابدّ منه.
ثم جاء حتّى أُتي ملكه وأمر حتّى أتى بالشيطان الذي أخذ خاتمه، وجعله في صندوق من حديد ثم أطبق عليه، وأقفل عليه بقفل وختم عليه بخاتمه ثم أمره فألقي في البحر، وهو كذلك حيٌّ حتّى الساعة.
وفي بعض الروايات : أن سليمان لما افتتن، سقط الخاتم من يده وكان فيه ملكه، فأخذه سليمان فأعاده إلى يده فسقط من يده، فلما رآه سليمان لايثبت في يده أيقن بالفتنة، وأن آصف قال لسليمان : إنك مفتون بذنبك والخاتم لايتماسك في يدك أربعة عشر يوماً.
ففرّ إلى الله تائباً من ذنبك، وأنا أقوم مقامك وأسير في عالمك وأهل بيوتك بسيرتك، إلى أن يتوب الله عليك ويردك إلى ملكك.
ففرّ سليمان هارباً إلى ربّه، وأخذ أصف الخاتم فوضعه في يده فثبت، وأن الجسد الذي قال الله تعالى :) وَألْقَيْنَا عَلَى كُرْسِيِّهِ جَسَداً ( كان هو أصف كاتباً لسليمان، وكان عنده علم من الكتاب، فأقام أصف في ملك سليمان وعالمه يسير بسيرته ويعمل بعمله أربعة عشر يوماً، إلى أن رجع سليمان إلى منزله تائباً إلى الله سبحانه وردَّ الله عليه ملكه، فقام أصف من مجلسه وجلس سليمان على كرسيه، وأعاد الخاتم في يده فثبت فيها.
وأخبرنا شعيب بن محمّد قال : أخبرنا مكي بن عبدان قال : أخبرنا أحمد بن الأزهر قال