" صفحة رقم ١٣٧ "
وكان من جزالة رأيه وحصافة عقله أن الله تعالى ائتمنه على تبليغ وحيه إلى جميع رسله.
وقال ابن عباس : ذو مِرّة، أي ذو منظر حسن، وقال قتادة : ذو خَلق طويل حسن.
) فاستوى ( يعني جبريل
النجم :( ٧ ) وهو بالأفق الأعلى
) وهو ( يعني محمداً ( ﷺ ) وأكثر كلام العرب إذا أرادوا العطف في مثل هذا الموضع أن يظهروا كناية المعطوف عليه فيقولون : استوى هو وفلان، ما يقولون : استوى وفلان، وأنشد الفرّاء :
ألم تر أنّ النبع يصلب عوده
ولا يستوي والخروع المتقصف
والمعنى : لا يستوي هو والخروع.
ونظير هذه الآية قوله سبحانه :) إذا كنّا تراباً وآباؤنا ( فعطف بالآباء على الكنى في ) كنّا ( من غير إظهار نحن، ومعنى الآية : استوى جبريل ومحمد ليلة المعراج ) بالأفق الأعلى ( وهو أقصى الدنيا عند مطلع الشمس في السماء، وقيل : استويا في القوة والصعود إلى السماء، وقيل : استويا في العلم بالوحي، وقال بعضهم : معنى الآية : استوى جبريل أي ارتفع وعلا في السماء بعد أن علّم محمداً، عن سعيد بن المسيب، وقيل : فاستوى أي قام في صورته التي خلقه الله سبحانه عليها، وذلك أنه كان يأتي رسول الله ( ﷺ ) في صورة الآدميين كما كان يأتي النبيين، فسأله رسول الله ( ﷺ ) أن يريه نفسه على صورته التييُجبِلَ عليها، وأراه نفسه مرّتين : مرة في الأرض، ومرّة في السماء فأمّا في الأرض ففي الأُفق الأعلى، وذلك أن محمداً ( ﷺ ) كان بحراء فطلع له جبريل من المشرق فسدّ الأفق إلى المغرب، فخرّ رسول الله ( ﷺ ) مغشياً عليه، ونزل جبريل في صورة الآدميين وضمّه إلى نفسه، وجعل يمسح الغبار عن وجهه.
يدل عليه قوله سبحانه :) ولقد رآه بالأُفق المبين (، وأما في السماء فعند سدرة المنتهى، ولم يره أحد من الأنبياء على تلك الصورة إلاّ محمد المصطفى صلوات الله عليه.
النجم :( ٨ ) ثم دنا فتدلى
) ثم دنا فتدلّى ( اختلف العلماء في معنى هذه الآية فقال بعضهم : معناها ثم دنا جبرئيل بعد استوائه بالأفق الأعلى من الأرض، فتدلّى فنزل إلى محمد ( ﷺ ) بالوحي وهوى عليه
النجم :( ٩ ) فكان قاب قوسين.....
) فكان ( منه ) قاب قوسين أو أدنى ( أي : بل أدنى، وبه قال ابن عباس والحسن وقتادة والربيع.
قال أهل المعاني : في الكلام تقديم وتأخير، تقديره : ثم تدلّى فدنا ؛ لأن التدلّي : الدنوّ، ولكنه سامع حسن ؛ لأن التدلّي يدل على الدنوّ، والدنو يدل على التدلّي، وإنمّا تدلى للدنوّ ودنا للتدلّي، وقال آخرون : معناه ثم دنا الرب سبحانه من محمد ( ﷺ ) فتدلّى فقرب منه حتى كان قاب


الصفحة التالية
Icon