" صفحة رقم ٢٥٠ "
وقال أبو موسى الأشعري : كفلين : ضعفين بلسان الحبشة.
قال ابن جبير : وأصله ما يكتفل به الراكب من الثياب والمتاع فيحبسه ويحفظه من السقوط، يقول : يحصنكم هذا الكفل من العذاب كما يحصن الراكب الكفل من السقوط. ومنه الكفالة ؛ لأنّها تحصن الحقّ.
) ويجعل لكم نوراً تمشون به ( في الناس، وعلى الصراط أحسن.
وقال ابن عباس : النور القرآن.
وقال مجاهد : الهدى والبيان، ) ويغفر لكم والله غفور رحيم (.
قال سعيد بن جبير : بعث النبي ( ﷺ ) جعفراً ح في سبعين راكباً للنجاشي يدعوه، فقدم عليه فدعاه فاستجاب له وآمن به، فلمّا كان عند انصرافه قال ناس ممّن آمن به من أهل مملكته وهم أربعون رجلا : ايذن لنا فنأتي هذا النبيّ ( ﷺ ) فنلمّ به ونجدّف بهؤلاء في البحر ؛ فإنا أعلم بالبحر منهم. فقدموا مع جعفر على النبيّ ( ﷺ ) وقد تهيأ النبيّ ( ﷺ ) ( عليه السلام ) لوقعة أحد، فلمّا رأوا ما بالمسلمين من الخصاصة وشدّة الحال استأذنوا النبيّ ( ﷺ ) ( عليه السلام ) فقالوا : يا رسول الله إنّ لنا أموالا، ونحن نرى ما بالمسلمين من خصاصة، فإن أذنت لنا انصرفنا فجئنا بأموالنا فواسينا المسلمين بها.. فأذن لهم فانصرفوا وأتوا بأموالهم فواسوا بها المسلمين، فأنزل الله سبحانه فيهم ) الذين أتيناهم الكتاب من قبله هم به يؤمنون ( إلى قوله ) ومما رزقناهم ينفقون ( فكانت النفقة التي واسوا بها المسلمين فلما سمع أهل الكتاب ممن لم يؤمن قوله :) يؤتون أجرهم مرّتين (، فجروا على المسلمين فقالوا : يا معشر المسلمين، أما من آمن منّا بكتابكم وكتابنا فله أجره مرتين ومن لم يؤمن بكتابكم فله أجر كأجوركم فما فضلكم علينا ؟ فأنزل الله سبحانه :) يا أيّها الذين آمنوا اتّقوا الله وآمنوا برسوله يؤتكم كفلين من رحمته ( فجعل لهم أجرين وزادهم النور والمغفرة ثم قال :
الحديد :( ٢٩ ) لئلا يعلم أهل.....
) لئلاّ يعلم أهل الكتاب (، وهكذا قرأها سعيد بن جبير ) أن لايقدرون ( الآية.
وروى حنان عن الكلبي قال : كان هؤلاء أربعة وعشرين رجلا قدموا من اليمن على رسول الله ( ﷺ ) وهو بمكّة، لم يكونوا يهوداً ولا نصارى، وكانوا على دين الأنبياء فأسلموا، فقال لهم أبو جهل : بئس القوم أنتم والوفد لقومكم. فردّوا عليه :) وما لنا لا نؤمن بالله وماجاءنا من الحق (، فجعل الله سبحانه لهم ولمؤمني أهل الكتاب عبد الله بن سلام وأصحابه أجرين اثنين، فجعلوا يفخرون على أصحاب رسول الله ( ﷺ ) وقالوا : نحن أفضل منكم لنا أجران ولكم أجر واحد، فأنزل الله سبحانه :) لئلاّ يعلم أهل الكتاب ( الآية.


الصفحة التالية
Icon