" صفحة رقم ٢٧٦ "
إلى مصالح المسلمين بلا خلاف، كما قال ( ﷺ ) ( الخمس مردود فيكم ).
وهكذا ما خلّفه من مال غير موروث عنه، بل هو صدقة تصرف عنه إلى مصالح المسلمين كما قال ( ﷺ ) ( إنّا لا نورّث، ما تركناه صدقة ). فكانت صفايا رسول الله ( ﷺ ) من مال الفيء الذي خصّه الله سبحانه بها له، ينفق منها على أهله نفقة سنة، فما فضل جعله في الكراع والسلاح في سبيل الله كما ذكر. فلمّا توفي رسول الله ( ﷺ ) وليها أبو بكر ح فجعل يفعل بها ما كان يفعل رسول الله ( ﷺ ) ثم وليها عمر ح على ما ولي رسول الله ( ﷺ ) وأبو بكر، فلما استخلف عثمان ولاّها عليّ بن أبي طالب على سبيل التوليه وجعله القسيم فيها، يليها على ما وليها رسول الله ( عليه السلام ) وصاحباه، وبالله التوفيق.
أخبرنا عقيل أن أبا الفرج أخبرهم عن أبي جعفر الطبري قال : حدّثنا ابن عبد الأعلى قال : حدّثنا ابن ثور، عن معمر، عن أيوب، عن عكرمة بن خالد، عن مالك بن أوس بن الحدثان قال : قرأ عمر ح. ) إنّما الصدقات للفقراء ( حتى بلغ ) عليم حكيم ( ثم قال : هذه لهؤلاء، ثم قرأ ) واعلموا أنما غنمتم من شيء فأنَّ لله خمسه ( الآية ثم قال : هذه لهؤلاء، ثم قرأ ) ما أفاء الله على رسوله من أهل القرى ( حتى بلغ ) للفقراء المهاجرين... والذين تبوّأُوا... والذين جاءوا من بعدهم (، ثم قال : استوعبت هذه المسلمين عامّة، فليس أحد إلاّ له فيها حقّ. ثم قال : لئن عشت ليأتينّ الراعي وهو يسير حمره نصيبه منها لم يعرق فيها جبينه.
) كي لا يكون دولة ( قراءة العامة ) يكون ( بالياء ) دولة ( بالنصب على معنى كي لا يكون الفيء دولة. وقرأ أبو جعفر بالتاء والرفع، أي كي لا تكون الغنيمة أو الأموال، ورفع ) دولة ( فاعلا ل ( كان )، وجعل الكينونة بمعنى الوقوع، وحينئذ لا خبر له. والقرّاء كلهم على ضمّ الدال من ال ) دولة ( إلاّ أبا عبد الرحمن السلمي فإنّه فتح دالها.
قال عيسى بن عمر : الحالتان بمعنى واحد. وفرّق الآخرون بينهما، فقالوا : الدولة بالفتح الظفر والغلبة في الحرب وغيرها وهي مصدر، والدُولة بالضمّ اسم الشيء الذي يتداوله الناس بينهم مثل العارية، ومعنى الآية : كي لا يكون الفيء دولة بين الرؤساء والأقوياء والأغنياء فيغلبوا عليه الفقراء والضعفاء ؛ وذلك أن أهل الجاهلية كانوا إذا غنموا غنيمة أخذ الرئيس ربعها


الصفحة التالية
Icon