" صفحة رقم ٥٤ "
َ بَصِيراً ( ( الياء ) أبو عمرو، وغيره ( بالتاء )، واختلفوا فيهم، فقال أنس : إنّ ثمانين رجلاً من أهل مكّة هبطوا على رسول الله وأصحابه من جبل التنعيم عند صلاة الفجر عام الحديبية ليقتلوهم، فأخذهم رسول الله سلماً، وأعتقهم، فأنزل الله تعالى :) هو الذي كفَّ أيديهم عنكم (... الآية. عكرمة، عن ابن عبّاس، قال : إنّ قريشاً كانوا بعثوا أربعين رجلاً منهم أو خمسين، وأمروهم أن يطيفوا بعسكر رسول الله عام الحديبية ليصيبوا من أصحابه أحداً، وأُخذوا أخذاً، فأتى بهم رسول الله ( ﷺ ) فعفا عنهم، وخلّى سبيلهم، وقد كانوا يرمون عسكر رسول الله ( ﷺ ) بالحجارة، والنّبل فأنزل الله تعالى :) وهو الذي كفّ أيديهم عنكم (... الآية.
وقال عبدالله بن المغفل : كنّا مع النبيّ ( ﷺ ) بالحديبية في أصل الشجرة وعلى ظهره غصنٌ من أغصان تلك الشجرة، فرفعته عن ظهره، وعليّ بن أبي طالب بين يديه يكتب كتاب الصُلح، وسهيل بن عمرو، فخرج علينا ثلاثون شابّاً عليهم السّلاح، فثاروا في وجوهنا، فدعا رسول الله ( عليه السلام )، فأخذ الله بأبصارهم، فقمنا إليهم، فأخذناهم، فخلّى عنهم رسول الله، فأنزل الله تعالى هذه الآية.
وقال مجاهد : أقبل نبي الله ( ﷺ ) معتمراً، وأخذ أصحابه ناساً من أهل الحرم غافلين، فأرسلهم النبيّ ( ﷺ ) فذلك الإظفار ببطن مكّة، وقال قتادة : ذُكر لنا أنَّ رجلاً من أصحاب رسول الله يقال له : زنيم اطّلع الثنية من الحديبيّة، فرماه المشركون بسهم، فقتلوه، فبعث رسول الله خيلاً، فأتوا باثني عشر فارساً من الكفّار، فقال لهم نبيّ الله :( هل لكم عليَّ عهد ؟ هل لكم عليَّ ذمّة ؟ ). قالوا : لا، فأرسلهم، فأنزل الله تعالى هذه الآية.
وقال ابن ايزي، والكلبي : هم أهل الحديبية، وذلك أنّ النبيّ ( ﷺ ) لمّا خرج بالهدي وانتهى إلى ذي الحليفة، فقال له عمر ح : يا نبي الله تدخل على قوم لك حرب بغير سلاح، ولا كراع ؟ قال : فبعث إلى المدينة، فلم يدع فيها كراعاً ولا سلاحاً إلاّ حمله، فلمّا دنا من مكّة منعوه أن يدخل، فسار حتّى أتى منى، فنزل منى، فأتاه عينه أنّ عكرمة بن أبي جهل قد خرج عليك في خمسمائة، فقال لخالد بن الوليد :( يا خالد هذا ابن عمّك قد أتاك في الخيل ).
فقال خالد : أنا سيف الله، وسيف رسوله، يا رسول الله، أرمِ بي حيث شئت، فيومئذ سمّي سيف الله، فبعثه على خيل، فلقي عكرمة في الشعب فهزمه حتّى أدخله حيطان مكّة، ثمّ عادوا في الثانية، فهزمه حتّى أدخله حيطان مكّة، ثمّ عاد في الثالثة فهزمه حتّى أدخله حيطان مكّة، فأنزل الله تعالى هذه الآية :) وهو الذي كفَّ أيديهم عنكم ( إلى قوله :) عذاباً أليما ( فكفّ النبيّ ( ﷺ ) لبقايا من المسلمين كانوا بقوا فيها من بعد أن أظفره عليهم كراهية، أن تطأهم


الصفحة التالية
Icon