" صفحة رقم ٥٧ "
شاءوا أن يدخلوا فيما دخل فيه الناس فعلوا، وإلاّ فقد حموا، فوالله لأُقاتلنّهم على أمري هذا، حتّى تنفرد سالفتي أو لينفذنّ الله أمره ).
فقال بديل : سنبلغهم ما تقول.
فانطلق حتّى أتى قريشاً، فقال : إنّا قد جئناكم من عند هذا الرجل، وسمعناه يقول قولاً، فإن شئتم أن نعرضه عليكم فعلنا، فقال سفهاؤوهم : لا حاجة لنا في أن تحدّثنا بشيء عنه، وقال ذوو الرأي منهم : هات ما سمعته يقول. قال : سمعته يقول كذا، وكذا. فحدّثهم بما قال النبيّ ( ﷺ ) فقام عروة بن مسعود الثقفي، فقال : أي قوم، ألستم بال الوالد ؟ قالوا : بلى. قال : ألستُ بالولد ؟ قالوا : بلى.
قال : فهل تتّهموني ؟ قالوا : لا. قال : أفلستم تعلمون أنّي استنفرت أهل عُكاظ، فلمّا ألحّوا عليَّ جئتكم بأهلي وولدي ومن أطاعني ؟ قالوا : بلى. قال : فإنّ هذا الرجل، قد عرض عليكم خطة رُشد فاقبلوها ودعوني آئته، قالوا : آتيه. فأتاه، فجعل يكلِّم النبيّ ( ﷺ ) فقال النبي نحواً من مقالته لبديل، فقال عروة عند ذلك : يا محمّد، أرأيت إن استأصلت قومك، فهل سمعت بأحد من العرب استباح، وقيل اجتاح أصله قبلك ؟ وإن تكن الأُخرى فوالله إنّي لأرى وجوهاً وأشواباً من الناس خُلقاً أن يفرّوا ويدعوك.
فقال أبو بكر الصدِّيق ح : امصص بظر اللات واللات طاغية ثقيف التي كانوا يعبدون أنحن نفرّ وندعه ؟ فقال : مَنْ هذا ؟ قالوا : أبو بكر. فقال : أما والّذي نفسي بيده، لولا يدٌ كانت لك عندي لم أجزك بها، لأجبتك، وجعل يكلِّم النبيّ ( ﷺ ) فكلّما كلّمه أخذ بلحيته، والمغيرة بن شعبة قائم على رأس رسول الله، ومعه السيف وعلى رأسه المغفر، فكلّما أهوى عروة بيده إلى لحية النبي ( ﷺ ) ضرب يده بنعل السيف، وقال : أخّر يدك عن لحيته، فرفع عروة رأسه، فقال : مَنْ هذا ؟ قالوا : المغيرة بن شعبة. قال : أي غدّار، أوَلستَ أسعى في غدرتك ؟ وكان المغيرة قد صحب قوماً في الجاهلية، فقتلهم، وأخذ أموالهم، ثمّ جاء فأسلم، فقال النبيّ ( ﷺ ) ( امّا الإسلام فقد قبلنا، وأمّا المال، فإنّه مال غدر لا حاجة لنا فيه ). وإنّ عروة جعل يرمق أصحاب رسول الله بعينه، فقال : والله


الصفحة التالية
Icon