فادعى وأخطأ أن البعض ههنا جمع، ولم يكن هذا من عمله وإنما أراد لبيد ببعض النفوس نفسه. انظر: اللسان: (بعض) )، وذلك أن الأشياء على أربعة أضرب:
- ضرب في بيانه مفسدة فلا يجوز لصاحب الشريعة أن يبينه، كوقت القيامة ووقت الموت.
- وضرب معقول يمكن للناس إدراكه من غير نبي، كمعرفة الله ومعرفته في خلق السموات والأرض، فلا يلزم صاحب الشرع أن يبينه، ألا ترى أنه كيف أحال معرفته على العقول في نحو قوله: ﴿قل انظروا ماذا في السموات والأرض﴾ [يونس/١٠١]، وبقوله: ﴿أو لم يتفكروا﴾ [الأعراف/١٨٤]، وغير ذلك من الآيات.
- وضرب يجب عليه بيانه، كأصول الشرعيات المختصة بشرعه.
- وضرب يمكن الوقوف عليه بما بينه صاحب الشرع، كفروع الأحكام.
وإذا اختلف الناس في أمر غير الذي يختص بالمنهي بيانه فهو مخير بين أن يبين وبين ألا يبين حسب ما يقتضي اجتهاده وحكمته، فإذا قوله تعالى: ﴿ولأبين لكم بعض الذي تختلفون فيه﴾ [الزخرف/٦٣]، لم يرد به كل ذلك، وهذا ظاهر لمن ألقى العصبية عن نفسه، وأما قول الشاعر:
*أو يرتبط بعض النفوس حمامها *
(تقدم في الصفحة السابقة)
فإنه يعني به نفسه، والمعنى: إلا أن يتداركني الموت، لكن عرض ولم يصرح، حسب ما بنيت عليه جملة الإنسان في الابتعاد من ذكر موته. قال الخليل: يقال: رأيت غربانا تتبعض (في المخطوطة: تتبعضض؛ وانظر العين ١/٢٨٣)، أي: يتناول بعضها بعضا، والبعوض بني لفظه من بعض، وذلك لصغر جسمها بالإضافة إلى سائر الحيوانات.
بعل


الصفحة التالية
Icon