و (بين) يستعمل اسما وتارة ظرفا، فمن قرأ: ﴿بينكم﴾ [الأنعام/٩٤]، جعله اسما، ومن قرأ: ﴿بينكم﴾ جعله ظرفا غير متمكن وتركه مفتوحا، فمن الظرف قوله: ﴿لا تقدموا بين يدي الله ورسوله﴾ [الحجرات/١]، وقوله: ﴿فقدموا بين يدي نجواكم صدقة﴾ [المجادلة/١٢]، ﴿فاحكم بيننا بالحق﴾ [ص/٢٢]، وقوله تعالى: ﴿فلما بلغا مجمع بينهما﴾ [الكهف/٦١]، فيجوز أن يكون مصدرا، أي: موضع المفترق. ﴿وإن كان من قوم بينكم وبينهم ميثاق﴾ [النساء/٩٢]. ولا يستعمل (بين) إلا فيما كان له مسافة، نحو: بين البلدين، أو له عدد ما اثنان فصاعدا نحو: الرجلين، وبين القوم، ولا يضاف إلى ما يقتضي معنى الوحدة إلا إذا كرر، نحو: ﴿ومن بيننا وبينك حجاب﴾ [فصلت/٥]، ﴿فاجعل بيننا وبينك موعدا﴾ [طه/٥٨]، ويقال: هذا الشيء بين يديك، أي: متقدما لك، ويقال: هو بين يديك أي: قريب منك، وعلى هذا قوله: ﴿ثم لآتينهم من بين أيديهم﴾ [الأعراف/١٧]، و ﴿له ما بين أيدينا وما خلفنا﴾ [مريم/٦٤]، ﴿وجعلنا من بين أيديهم سدا ومن خلفهم سدا﴾ [يس/٩]، ﴿ومصدقا لما بين يدي من التوراة﴾ [المائدة/٤٦]، ﴿أأنزل عليه الذكر من بيننا﴾ [ص/٨]، أي: من جملتنا، وقوله: ﴿وقال الذين كفروا لن نؤمن بهذا القرآن ولا بالذي بين يديه﴾ [سبأ/٣١]، أي: متقدما له من الإنجيل ونحوه، وقوله: ﴿فاتقوا الله وأصلحوا ذات بينكم﴾ [الأنفال/١]، أي: راعوا الأحوال التي تجمعكم من القرابة والوصلة والمودة.
ويزداد في بين (ما) أو الألف، فيجعل بمنزلة (حين)، نحو: بينما زيد يفعل كذا، وبينا يفعل كذا، قال الشاعر:
*بينا يعنقه الكماة وروغة ** يوما أتيح له جريء، سلفع*
(البيت لأبي ذؤيب الهذلي، وهو في ديوان الهذليين ١/٣٧؛ وشمس العلوم ١/٢٠٥؛ واللسان (بين) ؛ وغريب الحديث للخطابي ٢/٤٦٩)
بان