هذا قول أكثر أهل اللغة، وقال بعضهم: ليس قوله (فجبر) مذكورا على سبيل الانفعال، بل ذلك على سبيل الفعل، وكرره، ونبه بالأول على الابتداء بإصلاحه، وبالثاني على تتميمه، فكأنه قال: قصد جبر الدين وابتدأ به فتمم جبره، وذلك أن (فعل) تارة يقال لمن ابتدأ بفعل، وتارة لمن فرغ منه. وتجبر بعد الأكل يقال إما لتصور معنى الاجتهاد والمبالغة، أو لمعنى التكلف، كقول الشاعر:
*تجبر بعد الأكل لهو نميص *
*** (هذا عجز بيت لامرئ القيس، وشطره:
*ويأكلن من قو لعاعا وربة*
وهو في ديوانه ص ٩٣؛ واللسان (جبر) )
وقد يقال الجبر تارة في الإصلاح المجرد، نحو قول علي رضي الله عنه: (يا جابر كل كسير، ويا مسهل كل عسير) ومنه قولهم للخبز: جابر بن حبة (انظر: اللسان (جبر)، والبصائر ١/٣٦١)، وتارة في القهر المجرد نحو قوله عليه السلام: (لاجبر ولا تفويض) (ليس هذا بحديث بل من قول المتكلمين في مذهب أهل السنة؛ وهو قول جعفر الصادق. انظر نثر الدر ١/٣٦٣) والجبر في الحساب: إلحاق شيء به إصلاحا لما يريد إصلاحه، وسمي السلطان جبرا كقول الشاعر:
*وانعم صباحا أيها الجبر*
*** (هذا عجز بيت، وشطره:
*واسلم براووق حبيت به*
وهو لابن أحمر في ديوانه ص ٩٤؛ والبصائر ١/٣٦١؛ واللسان (جبر) )
لقهره الناس على ما يريده، أو لإصلاح أمورهم.
والإجبار في الأصل: حمل الغير على أن يجبر الآخر لكن تعورف في الإكراه المجرد، فقيل: أجبرته على كذا، كقولك: أكرهته.


الصفحة التالية
Icon