(البيتان لأبي الطيب المتنبي، وهما في شرح ديوانه ١/١٣٠؛ والوساطة بين المتنبي وخصومه ص ٢٦٢؛ ومعترك الأقران ١/٢٣) لكن محاسن أنواره لا يثقفها إلا البصائر الجلية، وأطايب ثمره لا يقطفها إلا الأيدي الزكية، ومنافع شفائه لا ينالها إلا النفوس النقية، كما صرح تعالى به فقال في وصف متناوليه: ﴿إنه لقرآن كريم *** في كتاب مكنون *** لا يمسه إلا المطهرون﴾ [الواقعة/٧٧ - ٧٩].
وقال في وصف سامعيه: ﴿قل هو للذين آمنوا هدى وشفاء والذين لا يؤمنون في آذانهم وقر وهو عليهم عمى﴾ [فصلت/٤٤].
وذكرت أنه كما لا تدخل الملائكة الحاملة للبركات بيتا فيه صورة أو كلب، كذلك لا تدخل السكينات الجالبة للبينات قلبا فيه كبر وحرص، فالخبيثات للخبيثين والخبيثون للخبيثات، والطيبات للطيبين والطيبون للطيبات، ودللت في تلك الرسالة (أي: الذريعة، وهذا ذكره في الباب الحادي عشر: كون طهارة النفس شرطا في صحة خلافة الله تعالى وكمال عبادته. انظر: الذريعة إلى مكارم الشريعة ص ٢٩) على كيفية اكتساب الزاد الذي يرقى كاسبه في درجات المعارف، حتى يبلغ من معرفته أقصى ما في قوة البشر أن يدركه من الأحكام والحكم، فيطلع من كتاب الله على ملكوت السموات والأرض، ويتحقق أن كلامه كما وصفه بقوله: ﴿ما فرطنا في الكتاب من شيء﴾ [الأنعام/٣٨].
جعلنا الله ممن تولى هدايته حتى يبلغه هذه المنزلة، ويخوله هذه المكرمة، فلن يهديه البشر من لم يهده الله، كما قال تعالى لنبيه صلى الله عليه وسلم: ﴿إنك لا تهدي من أحببت ولكن الله يهدي من يشاء﴾ [القصص/٥٦].