والثاني: استجلاب معاونة الشيطان بضرب من التقرب إليه، كقوله تعالى: ﴿هل أنبئكم على من تنزل الشياطين *** تنزل على كل أفاك أثيم﴾ [الشعراء/ ٢٢١ - ٢٢٢]، وعلى ذلك قوله تعالى: ﴿ولكن الشياطين كفروا يعلمون الناس السحر﴾ [البقرة/١٠٢]، والثالث: ما يذهب إليه الأغتام (الغتمة: عجمة في المنطق، ورجل أغتم: لا يفصح شيئا، وقيل للثقيل الروح: غتمي)، وهو اسم لفعل يزعمون أنه من قوته يغير الصور والطبائع، فيجعل الإنسان حمارا، ولا حقيقة لذلك عند المحصلين. وقد تصور من السحر تارة حسنه، فقيل: (إن من البيان لسحرا) (الحديث عن عبد الله بن عمر أنه قال: قدم رجلان من المشرق، فخطبا، فعجب الناس لبيانهما، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إن من البيان لسحرا، أو إن بعض البيان لسحر). أخرجه مالك في باب ما يكره من الكلام، شرح الزرقاني ٤/٤٠٣؛ والبخاري في الطب ١٠/٢٣٧)، وتارة دقة فعله حتى قالت الأطباء: الطبيعة ساحرة، وسموا الغذاء سحرا من حيث أنه يدق ويلطف تأثيره، قال تعالى: ﴿بل نحن قوم مسحورون﴾ [الحجر/١٥]، أي: مصروفون عن معرفتنا بالسحر. وعلى ذلك قوله تعالى: ﴿إنما أنت من المسحرين﴾ [الشعراء/١٥٣]، قيل: ممن جعل له سحر تنبيها أنه محتاج إلى الغذاء، كقوله تعالى: ﴿ما لهذا الرسول يأكل الطعام﴾ [الفرقان/٧]، ونبه أنه بشر كما قال: ﴿ما أنت إلا بشر مثلنا﴾ [الشعراء/١٥٤]، وقيل: معناه ممن جعل له سحر يتوصل بلطفه ودقته إلى ما يأتي به ويدعيه، وعلى الوجهين حمل قوله تعالى: ﴿إن تتبعون إلا رجلا مسحورا﴾ [الإسراء/٤٧]، وقال تعالى: ﴿قال له فرعون إني لأظنك يا موسى مسحورا﴾ [الإسراء/١٠١]، وعلى المعنى الثاني دل قوله تعالى: ﴿إن هذا إلا سحر مبين﴾ [سبأ/٤٣]، قال تعالى: ﴿وجاؤوا بسحر عظيم﴾ [الأعراف/١١٦]، وقال: ﴿أسحر هذا ولا يفلح الساحرون﴾ [يونس/٧٧]، وقال: ﴿فجمع السحرة لميقات يوم معلوم﴾ [الشعراء/ ٣٨]، ﴿فألقي السحرة﴾ [طه/٧٠]، والسحر والسحرة: اختلاط ظلام آخر