وقرئ: (أمرنا) (وهي قراءة الحسن ومجاهد وأبي عثمان النهدي وأبي رجاء وأبي العالية، وهي قراءة شاذة) أي: جعلناهم أمراء، وكثرة الأمراء في القرية الواحدة سبب لوقوع هلاكهم، ولذلك قيل: لا خير في كثرة الأمراء، وعلى هذا حمل قوله تعالى: ﴿وكذلك جعلنا في كل قرية أكابر مجرميها﴾ [الأنعام/١٢٣]، وقرئ: (آمرنا) (وهي قراءة يعقوب، ورويت عن ابن كثير وأبي عمرو وعاصم من غير طريق الطيبة. راجع: الإتحاف ص ٢٨٢) بمعنى: أكثرنا.
والائتمار: قبول الأمر، ويقال للتشاور: ائتمار لقبول بعضهم أمر بعض فيما أشار به.
قال تعالى: ﴿إن الملأ يأتمرون بك﴾ [القصص/٢٠]. قال الشاعر:
*وآمرت نفسي أي أمري أفعل *
(هذا عجز بيت لكعب بن زهير، وشطره الأول:
*أنخت قلوصي واكتلأت بعينها*
وهو في ديوانه ص ٥٥؛ والحجة في القراءات للفارسي ١/٣١٩؛ وأساس البلاغة (كلأ) )
وقوله تعالى: ﴿لقد جئت شيئا إمرا﴾ [الكهف/٧١] أي: منكرا، من قولهم: أمر الأمر، أي: كبر وكثر كقولهم: استفحل الأمر. وقوله: ﴿وأولي الأمر﴾ [النساء/٥٩] قيل: عنى الأمراء في زمن النبي عليه الصلاة والسلام. وقيل: الأئمة من أهل البيت (وهذا قول الشيعة)، وقيل: الآمرون بالمعروف، وقال ابن عباس رصي الله عنهما: هم الفقهاء وأهل الدين المطيعون لله.
وكل هذه الأقوال صحيحة، ووجه ذلك: أن أولي الأمر الذين بهم يرتدع الناس أربعة: الأنبياء، وحكمهم على ظاهر العامة والخاصة وعلى بواطنهم، والولاة، وحكمهم على ظاهر الكافة دون باطنهم، والحكماء، وحكمهم على باطن الخاصة دون الظاهر، والوعظة، وحكمهم على بواطن العامة دون ظواهرهم.
أمن


الصفحة التالية
Icon