وفي حديث نزول المسيح: (وتقع الأمنة في الأرض) (هذا جزء من حديث طويل وفيه: (ثم تقع الأمنة على الأرض حتى ترتع الأسود مع الإبل، والنمار مع البقر، والذئاب مع الغنم، وتلعب الصبيان بالحيات لا تضرهم). والحديث أخرجه ابن أبي شيبة وأحمد وأبو داود برقم (٤٣٢٤) وابن جرير وابن حبان عن أبي هريرة، وقال ابن كثير بعد ذكر إسناده: وهذا إسناد جيد قوي. انظر: الدر المنثور ٢/٧٣٦؛ والفتن الملاحم لابن كثير ١/١٠٥).
وقوله تعالى: ﴿ثم أبلغه مأمنه﴾ [التوبة/٦] أي: منزله الذي فيه أمنه.
وآمن: إنما يقال على وجهين:
- أحدهما متعديا بنفسه، يقال: آمنته، أي: جعلت له الأمن، ومنه قيل لله: مؤمن.
- والثاني: غير متعد، ومعناه: صار ذا أمن.
والإيمان يستعمل تارة اسما للشريعة التي جاء بها محمد عليه الصلاة والسلام، وعلى ذلك: ﴿الذين آمنوا والذين هادوا والصائبون﴾ [المائدة/٦٩]، ويوصف به كل من دخل في شريعته مقرا بالله وبنبوته. قيل: وعلى هذا قال تعالى: ﴿وما يؤمن أكثرهم بالله إلا وهم مشركون﴾ [يوسف/١٠٦].
وتارة يستعمل على سبيل المدح، ويراد به إذعان النفس للحق على سبيل التصديق، وذلك باجتماع ثلاثة أشياء: تحقيق بالقلب، وإقرار باللسان، وعمل بحسب ذلك بالجوارح، وعلى هذا قوله تعالى: ﴿والذين آمنوا بالله ورسله أولئك هم الصديقون﴾ [الحديد/١٩].
ويقال لكل واحد من الاعتقاد والقول الصدق والعمل الصالح: إيمان. قال تعالى: ﴿وما كان الله ليضيع إيمانكم﴾ [البقرة/١٤٣] أي: صلاتكم، وجعل الحياء وإماطة الأذى من الإيمان (كما قال عليه الصلاة والسلام فيما أخرجه مسلم وغيره: (الإيمان بضع وسبعون شعبة، وأفضلها قول: لا إله إلا الله، وأدناها إماطة الأذى عن الطريق، والحياء شعبة من الإيمان) ).


الصفحة التالية
Icon