وأتبع هذا الكتاب - إن شاء الله تعالى ونسأ في الأجل - بكتاب ينبئ عن تحقيق (الألفاظ المترادفة على المعنى الواحد، وما بينها من الفروق الغامضة) (لم نجد هذا الكتاب)، فبذلك يعرف اختصاص كل خبر بلفظ من الألفاظ المترادفة دون غيره من أخواته، نحو ذكر القلب مرة والفؤاد مرة والصدر مرة، ونحو ذكره تعالى في عقب قصة: ﴿إن في ذلك لآيات لقوم يؤمنون﴾ [الروم/٣٧]، وفي أخرى: ﴿لقوم يتفكرون﴾ [يونس/٢٤]، وفي أخرى: ﴿لقوم يعلمون﴾ [البقرة/٢٣٠]، وفي أخرى: ﴿لقوم يفقهون﴾ [الأنعام/٩٨]، وفي أخرى: ﴿لأولي الأبصار﴾ [آل عمران/١٣]، وفي أخرى: ﴿لذي حجر﴾ [الفجر/٥]، وفي أخرى: ﴿لأولي النهى﴾ [طه/٥٤]، ونحو ذلك مما يعده من لا يحق الحق ويبطل الباطل أنه باب واحد (انظر مقدمة تفسير الراغب ص ٦)، فيقدر أنه إذا فسر: ﴿الحمد لله﴾ بقوله: الشكر لله (هذا من باب التقريب، والتحقيق أن بين الحمد والشكر عموما وخصوصا من وجه، وقد أوضح ذلك العلامة الشنقيطي ابن متالي فقال:
*ونسبة العموم والخصوص من**وجه فقط للحمد والشكر تعن*
*وجمع معقولين بانفراد ** كل هو العموم وجها بادي*
*فالحمد بالثناء مطلقا بدا ** كان جزاء نعمة أو ابتدا*
*والشكر ما كان جزاء للنعم ** فالحمد من ذا الوجه وحده أعم*
*والشكر يأتي عند كل شارح**بالقلب واللسان والجوارح*
*والحمد باللسان لا غير وسم ** فالشكر من ذا الوجه الوجه وحده أعم*
انتهى.
وكذا بين الريب والشك فرق، فالريب: تحصيل القلق وإفادة الاضطراب، والشك: وقوف النفس بين شيئين متقابلين بحيث لا ترجع أحدهما على الآخر، فتقع في الاضطراب والحيرة. فاستعمال الريب في الشك مجاز من إطلاق اسم المسبب وإرادة السبب. راجع حاشية زاده على البيضاوي (١/٧٥) )، و ﴿لاريب فيه﴾ ب: لا شك فيه، فقد فسر القرآن ووفاء التبيان.