ويقال ذلك للأنواع الثلاثة المخبر عنه، والخبر عنه، والرابط بينهما المسمى بالحرف، وهذا هو المراد بالآية؛ لأن آدم عليه السلام كما علم الاسم علم الفعل، والحرف، ولا يعرف الإنسان الاسم فيكون عارف لمسماه إذا عرض عليه المسمى، إلا إذا عرف ذاته. ألا ترى أنا لو علمنا أسامي أشياء بالهندية، أو بالرومية، ولم نعرف صورة ماله تلك الأسماء لم نعرف المسميات إذا شاهدناها بمعرفتنا الأسماء المجردة، بل كنا عارفين بأصوات مجردة، فثبت أن معرفة الأسماء لا تحصل إلا بمعرفة المسمى، وحصول صورته في الضمير، فإذا المراد بقوله: ﴿وعلم آدم الأسماء كلها﴾ [البقرة/ ٣١]، الأنواع الثلاثة من الكلام وصور المسميات في ذواتها، وقوله: ﴿وما تعبدون من دونه إلا أسماء سميتموها﴾ [يوسف/٤٠]، فمعناه أن الأسماء التي تذكرونها ليس لها مسميات، وإنما هي أسماء على غير مسمى إذ كان حقيقة ما يعتقدون في الأصنام بحسب تلك الأسماء غير موجود فيها، وقوله: ﴿وجعلوا لله شركاء قل سموهم﴾ [الرعد/٣٣]، فليس المراد أن يذكروا أساميها نحو اللات والعزى، وإنما المعنى إظهار تحقيق ما تدعونه إلها، وأنه هل يوجد معاني تلك الأسماء فيها، ولهذا قال بعده: ﴿أم تنبؤنه بما لا يعلم في الأرض أم بظاهر من القول﴾ [الرعد/٣٣]، وقوله: ﴿تبارك اسم ربك﴾ [الرحمن/٧٨]، أي: البركة والنعمة الفائضة في صفاته إذا اعتبرت، وذلك نحو: الكريم والعليم والباري، والرحمن الرحيم، وقال: ﴿سبح اسم ربك الأعلى﴾ [الأعلى/١]، ﴿ولله الأسماء الحسنى﴾ [الأعراف/١٨٠]، وقوله: ﴿اسمه يحي لم نجعل له من قبل سميا﴾ [مريم/٧]، ﴿ليسمون الملائكة تسمية الأنثى﴾ [النجم/٢٧]، أي: يقولون للملائكة بنات الله، وقوله: ﴿هل تعلم له سميا﴾ [مريم /٦٥]، أي: نظيرا له يستحق اسمه، وموصوفا يستحق صفته على التحقيق، وليس المعنى هل تجد من يتسمى باسمه إذ كان كثير من أسمائه قد يطلق على غيره، لكن ليس معناه إذا استعمل فيه كما كان معناه إذا استعمل