ما شئت كان وإن لم أشأ *** وما شئت إن لم تشأ لم يكن، والإرادة منه لا تقتضي وجود المراد لا محالة، ألا ترى أنه قال: ﴿يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر﴾ [البقرة/١٨٥]، ﴿وما الله يريد ظلما للعباد﴾ [غافر/٣١]، ومعلوم أنه قد يحصل العسر والتظالم فيما بين الناس، قالوا: ومن الفرق بينهما أن إرادة الإنسان قد تحصل من غير أن تتقدمها إرادة الله؛ فإن الإنسان قد يريد أن لا يموت، ويأبى الله ذلك، ومشيئته لا تكون إلا بعد مشيئته لقوله: ﴿وما تشاءون إلا أن يشاء الله﴾ [الإنسان/٣٠]، روي أنه لما نزل قوله: ﴿لمن شاء منكم أن يستقيم﴾ [التكوير/٢٨]، قال الكفار: الأمر إلينا إن شئنا استقمنا، وإن شئنا لم نستقم، فأنزل الله تعالى: ﴿وما تشاءون إلا أن يشاء الله﴾ (أخرج هذا ابن أبي حاتم وابن مردويه عن أبي هريرة. انظر: الدر المنثور ٨/٤٣٦)، وقال بعضهم: لولا أن الأمور كلها موقوفة على مشيئة الله تعالى، وأن أفعالنا معلقة بها وموقوفة عليها لما أجمع الناس على تعليق الاستثناء به في جميع أفعالنا نحو: ﴿ستجدني إن شاء الله من الصابرين﴾ [الصافات/١٠٢]، ﴿ستجدني إن شاء الله صابرا﴾ [الكهف /٦٩]، ﴿يأتيكم به الله إن شاء﴾ [هود/٣٣]، ﴿ادخلوا مصر إن شاء الله﴾ [يوسف/٦٩]، ﴿قل لا أملك لنفسي نفعا ولا ضرا إلا ما شاء الله﴾ [الأعراف /١٨٨]، ﴿وما يكون لنا أن نعود فيها إلا أن يشاء الله ربنا﴾ [الأعراف/٨٩]، ﴿ولا تقولن لشيء إني فاعل ذلك غدا إلا أن يشاء الله﴾ [الكهف/٢٤].
شيه
- شية: أصلها وشية (انظر تفسير غريب القرآن ص ٥٤)، وذلك من باب الواو.


الصفحة التالية
Icon