وقال بعضهم: القضاء: الحكم بالكليات على سبيل الإجمال في الأزل، والقدر: الحكم بوقوع الجزئيات التي لتلك الكليات على سبيل التفصيل. انظر: فتح الباري، كتاب الدعوات: التعوذ من جهد البلاء ١١/١٤٩)، وهذا كما قال أبو عبيدة لعمر رضي الله عنهما لما أراد الفرار من الطاعون بالشام: أتفر من القضاء؟ قال: أفر من قضاء الله إلى قدر الله (انظر: بصائر ذوي التمييز ٤/٢٧٨، وهذا شطر من حديث طويل أخرجه البخاري في الطاعون، وفيه: (فنادى عمر في الناس: إني مصبح على ظهر، فأصبحوا عليه، فقال أبو عبيدة: أفرارا من قدر الله؟ فقال عمر: لو غيرك قالها يا أبا عبيدة، نعم نفر من قدر الله إلى قدر الله... ) الحديث في فتح الباري ١٠/١٧٩) ؛ تنبيها أن القدر ما لم يكن قضاء فمرجو أن يدفعه الله، فإذا قضى فلا مدفع له ويشهد لذلك قوله: ﴿وكان أمرا مقضيا﴾ [مريم/٢١] وقوله: ﴿كان على ربك حتما مقضيا﴾ [مريم/٧١]، ﴿وقضى الأمر﴾ [البقرة/ ٢١٠] أي: فصل تنبيها أنه صار بحيث لا يمكن تلافيه. وقوله: ﴿إذا قضى أمرا﴾ [آل عمران/٤٧]. وكل قول مقطوع به من قولك: هو كذا أو ليس بكذا يقال له: قضية، ومن هذا يقال: قضية صادقة، وقضية كاذبة (هذا اصطلاح أهل المنطق، وعند أهل البلاغة تسمى خبرا. قال الأخضري:
ما احتمل الصدق لذاته جرى * بينهم قضية وخبرا)،
وإياها عنى من قال: التجربة خطر والقضاء عسر، أي: الحكم بالشيء أنه كذا وليس بكذا أمر صعب، وقال عليه الصلاة والسلام: (علي أقضاكم) (الحديث عن عمر قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: (إن أرأف أمتي بها أبو بكر، وإن أصلبها في أمر الله لعمر، وإن أشدها حياء لعثمان، وإن أقرأها لأبي، وإن أفرضها لزيد، وإن أقضاها لعلي) أخرجه ابن عدي في الضعفاء ٦/٢٠٩٧؛ وعزاه صاحب كشف الخفاء لأحمد، وليس عنده: (أقضاهم علي) وانظر: كشف الخفاء ١/١٠٨).
قط


الصفحة التالية
Icon