السابع: في الإلهام نحو: ﴿قلنا يا ذا القرنين إما أن تعذب﴾ [الكهف/٨٦] فإن ذلك لم يكن بخطاب ورد عليه فيما روي وذكر، بل كان ذلك إلهاما فسماه قولا.
وقيل في قوله: ﴿قالتا أتينا طائعين﴾ [فصلت/١١] إن ذلك كان بتسخير من الله تعالى لا بخطاب ظاهر ورد عليهما، وكذا قوله تعالى: ﴿قلنا يا نار كوني بردا وسلاما﴾ [الأنبياء/٦٩]، وقوله: ﴿يقولون بأفواههم ما ليس في قلوبهم﴾ [آل عمران/١٦٧] فذكر أفواههم تنبيها على أن ذلك كذب مقول، لا عن صحة اعتقا كما ذكر في الكتابة باليد (النقل هذا حرفيا في البصائر ٤/٣٠٤)، فقال تعالى: ﴿فويل للذين يكتبون الكتاب بأيديهم ثم يقولون هذا من عند الله﴾ [البقرة/٧٩]، وقوله: ﴿لقد حق القول على أكثرهم فهم لا يؤمنون﴾ [يس/٧] أي: علم الله تعالى بهم وكلمته عليهم كما قال تعالى: ﴿وتمت كلمة ربك﴾ [الأعراف/١٣٧] وقوله: ﴿إن الذين حقت عليهم كلمة ربك لا يؤمنون﴾ [يونس/٩٦] وقوله: ﴿ذلك عيسى ابن مريم قول الحق الذي فيه يمترون﴾ [مريم/٣٤] فإنما سماه قول الحق تنبيها على ما قال: ﴿إن مثل عيسى عند الله﴾ [آل عمران/٥٩] (الآية: ﴿إن مثل عيسى عند الله كمثل آدم خلقه من تراب ثم قال له كن فيكون﴾ ) إلى قوله: ﴿ثم قال له كن فيكون﴾ وتسميته قولا كتسميته كلمة في قوله: ﴿وكلمته ألقاها إلى مريم﴾ [النساء/١٧١] وقوله: ﴿إنكم لفي قول مختلف﴾ [الذاريات/٨] أي: لفي أمر من البعث، فسماه قولا؛ فإن المقول فيه يسمى قولا، كما أن المذكور يسمى ذكرا وقوله: ﴿إنه لقول رسول كريم * وما هو بقول شاعر قليلا ما تؤمنون﴾ [الحاقة/٤٠ - ٤١] فقد نسسب القول إلى الرسول، وذلك أن القول الصادر إليك عن الرسول يبلغه إليك عن مرسل له، فيصح أن تنسبه تارة إلى الرسول، وتارة إلى المرسل، وكلاهما صحيح.