انظر: الدر المنثور ١/٤٧٩)، ويعبر عن الإيجاد بالكتابة، وعن الإزالة والإفناء بالمحو. قال: ﴿لكل أجل كتاب﴾ [الرعد/٣٨]، ﴿يمحو الله ما يشاء ويثبت﴾ [الرعد/٣٩] نبه أن لكل وقت إيجادا، وهو يوجد ما تقتضي الحكمة إيجاده ويزيل ما تقتضي الحكمة إزالته، ودل قوله: ﴿لكل أجل كتاب﴾ [الرعد/٣٨] على نحو ما دل عليه قوله: ﴿كل يوم هو في شأن﴾ [الرحمن/٢٩] وقوله: [﴿وعنده أم الكتاب﴾ [الرعد/ ٣٩]، وقوله: ﴿وإن منهم لفريقا يلوون ألسنتهم بالكتاب لتحسبوه من الكتاب وما هو من الكتاب﴾ [آل عمران/٧٨] فالكتاب الأول: ما كتبوه بأيديهم المذكور في قوله: ﴿فويل للذين يكتبون الكتاب بأيديهم﴾ [البقرة/٧٩]. والكتاب الثاني: التوراة، والثالث: لجنس كتب الله، أي: ما هو من شيء من كتب الله سبحانه وتعالى وكلامه] (ما بين [ ] نقله الزركشي في البرهان ٤/٩٧)، وقوله: ﴿وإذ آتينا موسى الكتاب والفرقان﴾ [البقرة/٥٣] فقد قيل: هما عبارتا عن التوراة، وتسميتها كتابا اعتبارا بما أثبت فيها من الأحكام، وتسميتها فرقانا اعتبارا بما فيها من الفرق بين الحق والباطل.
وقوله: ﴿وما كان لنفس أن تموت إلا بأذن الله كتابا مؤجلا﴾ [آل عمران/١٤٥] أي: حكما ﴿لولا كتاب من الله سبق لمسكم﴾ [الأنفال/٦٨]، وقوله: ﴿إن عدة الشهور عند الله اثنا عشر شهرا في كتاب الله﴾ [التوبة/٣٦] كل ذلك حكم منه. وأما قوله: ﴿فويل للذين يكتبون الكتاب بأيديهم﴾ [البقرة/٧٩] فتنبيه أنهم يختلقونه ويفتعلونه، وكما نسب الكتاب المختلق إلى أيديهم نسب المقال المختلق إلى أفواههم، فقال: ﴿ذلك قولهم بأفواههم﴾ [لتوبة/٣٠] والاكتتاب متعارف في المختلق نحو قوله: ﴿أساطير الأولين اكتتبها﴾ [الفرقان/٥].


الصفحة التالية
Icon