ولما جعل كل فعل محمود من الإيمان جعل كل فعل مذموم من الكفر، وقال في السحر: ﴿وما كفر سليمان ولكن الشياطين كفروا يعلمون الناس السحر﴾ [البقرة/١٠٢] وقوله: ﴿الذين يأكلون الربا﴾، إلى قوله: ﴿كل كفار أثيم﴾ [البقرة/٢٧٥ - ٢٧٦] (الآية: ﴿الذين يأكلون الربا لا يقومون إلا كما يقوم الذي يتخبطه الشيطان من المس، ذلك بأنهم قالوا: إنما البيع مثل الربا وأحل الله البيع وحرم الربا، فمن جاءه موعظة من ربه فانتهى فله ما سلف، وأمره إلى الله، وأمره إلى الله، ومن عاد فأولئك أصحاب النار هم فيها خالدون * يمحق الله الربا ويربي الصدقات، والله لا يحب كل كفار أثيم﴾ ) وقال: ﴿ولله على الناس حج البيت﴾ إلى قوله: ﴿ومن كفر فإن الله غني عن العالمين﴾ [آل عمران/٩٧] (الآية: ﴿ولله على الناس حج البيت من استطاع إليه سبيلا ومن كفر فإن الله غني عن العالمين) والكفور: المبالغ في كفران النعمة، وقوله: {إن الإنسان لكفور﴾ [الزخرف/١٥]، وقال: ﴿ذلك جزيناهم بما كفروا وهل نجازي إلا الكفور﴾ [سبأ/١٧] إن قيل: كيف وصف الإنسان ههنا بالكفور، ولم يرض بذلك حتى أدخل عليه إن، واللام، وكل ذلك تأكيد، وقال في موضع ﴿وكره إليكم الكفر﴾ [الحجرات/٧]، فقوله: ﴿إن الإنسان لكفور مبين﴾ [الزخرف/١٥] تنبيه على ما ينطوي عليه الإنسان من كفران النعمة، وقلة ما يقوم بأداء الشكر، وعلى هذا قوله: ﴿قتل الإنسان ما أكفره﴾ [عبس/١٧] ولذلك قال: ﴿وقليل من عبادي الشكور﴾ [سبأ/١٣]، وقوله: ﴿إنا هديناه السبيل إما شاكرا وإما كفورا﴾ [الإنسان/٣] تنبيه أنه عرفه الطريقين كما قال: ﴿وهديناه النجدين﴾ [البلد/١٠] فمن سالك سبيل الشكر، ومن سالك سبيل الكفر، وقوله: ﴿وكان الشيطان لربه كفورا﴾ [الإسراء/٢٧] فمن الكفر، ونبه بقوله: ﴿كان﴾ أنه لم يزل منذ وجد منطويا على الكفر.


الصفحة التالية
Icon