وقد حمل على ذلك قول عمر رضي الله عنه - وقد أفطر يوما في رمضان فظن أن الشمس قد غربت ثم طلعت -: لا، نقضيه ما تجانفنا لإثم فيه، وذلك أن قائلا قال له قد أثمنا فقال لا، نقضيه. فقوله: (لا) رد لكلامه قد أثمنا، ثم استأنف فقال: نقضيه (لم أجد هذه القصة). وقد يكون لا للنهي نحو: ﴿لا يسخر قوم من قوم﴾ [الحجرات/١١]، ﴿ولا تنابزوا بالألقاب﴾ [الحجرات/١١]، وعلى هذا النحو: ﴿يا بني آدم لايفتننكم الشيطان﴾ [الأعراف/٢٧]، وعلى ذلك: ﴿لا يحطمنكم سليما وجنوده﴾ [النمل/١٨]، وقوله: ﴿وإذ أخذنا ميثاق بني إسرائيل لا تعبدون إلا الله﴾ [البقرة/٨٣] فنفي قيل تقديره: إنهم لا يعبدون، وعلى هذا: ﴿وإذا أخذنا ميثاقكم لا تسفكون دماءكم﴾ [البقرة/٨٤] وقوله: ﴿مالكم لا تقاتلون﴾ [النساء/٧٥] يصح أن يكون (لا تقاتلون) في موضع الحال (انظر: التبيان في إعراب القرآن للعكبري ١/٣٧٣؛ وإعراب القرآن للنحاس ١/٤٣٤) : ما لكم غير مقاتلين. ويجعل (لا) مبنيا مع النكرة بعده فيقصد به النفي. نحو: ﴿لا رفث ولا فسوق﴾ [البقرة /١٩٧]، [وقد يكرر الكلام في المتضادين ويراد إثبات الأمر فيهما جميعا. نحو أن يقال: ليس زيد بمقيم ولا ظاعن. أي: يكون تارة كذا وتارة كذا، وقد يقال ذلك ويراد إثبات حالة بينهما. نحو أن يقال: ليس بأبيض ولا أسود] (ما بين [ ] نقله الزركشي في البرهان ٤/٣٥٣)، وإنما يراد إثبات حالة أخرى له، وقوله: ﴿لاشرقية ولا غربية﴾ [النور/٣٥]. فقد قيل معناه: إنها شرقية وغربية (قال اليزيدي: لا شرقية: لا تضحى للشرق، ولا غربية: لا تضحى للغرب، ولكنها شرقية غربية يصيبها الشرق والغرب. أي: الشمس والظل. انظر: غريب القرآن وتفسيره ص ٢٧٢). وقيل معناه: مصونة عن الإفراط والتفريط. وقد يذكر (لا) ويراد به سلب المعنى دون إثبات شيء، ويقال له الاسم غير المحصل. نحو: لا إنسان، إذا قصدت سلب الإنسانية، وعلى هذا قول العامة: لا أحد. أي: لا أحد.
لام


الصفحة التالية
Icon