فلما أضاءت له ضيعها ونكس فعاد في الظلمة وقوله تعالى: ﴿ومثل الذين كفروا كمثل الذي ينعق بما لا يسمع إلا دعاء ونداء﴾ [البقرة/١٧١] فإنه قصد تشبيه المدعو بالغنم، فأجمل وراعى مقابلة المعنى دون مقابلة الألفاظ، وبسط الكلام: مثل راعي الذين كفروا والذين كفروا كمثل الذي ينعق بالغنم، ومثل الغنم التي لا تسمع إلا دعاء ونداء.
وعلى هذا النحو قوله: ﴿مثل الذين ينفقون أموالهم في سبيل الله كمثل حبة أنبتت سبع سنابل في كل سنبلة مائة حبة﴾ [البقرة/٢٦١] ومثله قوله: ﴿مثل ما ينفقون في هذه الحياة الدنيا كمثل ريح فيها صر﴾ [آل عمران/١١٧] وعلى هذا النحو ما جاء من أمثاله. والمثال: مقابلة. مقابلة شيء بشيء هو نظيره، أو وضع شيء ما ليتحذى به فيما يفعل، والمثلة: نقمة تنزل بالإنسان فيجعل مثالا يرتدع به غيره، وذلك كالنكال، وجمعه مثلات ومثلات، وقد قرئ: ﴿من قبلهم المثلات﴾ [الرعد/٦]، و (المثلات) (وهي لغة بني تميم. وهي قراءة شاذة قرأ بها الأعمش.
انظر: تفسير القرطبي ٩/٢٨٥؛ وإعراب القرآن للنحاس ٢/١٦٦؛ ومعاني الفراء ٢/٥٩) بإسكان الثاء على التخفيف. نحو: عضد وعضد، وقد أمثل السلطان فلانا: إذا نكل به، والأمثل يعبر به عن الأشبه بالأفاضل، والأقرب إلى الخير، وأماثل القوم: كناية عن خيارهم، وعلى هذا قوله تعالى: ﴿إذ يقول أمثلهم طريقة إن لبثتم إلا يوما﴾ [طه/١٠٤]، وقال: ﴿ويذهبا بطريقتكم المثلى﴾ [طه/٦٣] أي: الأشبه بالفضيلة، وهي تأنيث الأمثل.
مجد