فالأول: أن يكون ما بعده بمنزلة المصدر كأن الناصبة للفعل المستقبل. نحو: ﴿ومما رزقناهم ينفقون﴾ [البقرة/٣] فإن (ما) مع رزق في تقدير الرزق، والدلالة على أنه مثل (أن) أنه لا يعود إليه ضمير لا ملفوظ به ولا مقدر فيه، وعلى هذا حمل قوله: ﴿بما كانوا يكذبون﴾ [البقرة/١٠]، وعلى هذا قولهم: أتاني القوم ما عدا زيدا، وعلى هذا إذا كان في تقدير ظرف نحو: ﴿كلما أضاء لهم مشوا فيه﴾ [البقرة/٢٠]، ﴿كلما أوقدوا نارا للحرب أطفأها الله﴾ [المائدة/٦٤]، ﴿كلما خبت زدناهم سعيرا﴾ [الإسراء/٩٧]. وأما قوله: ﴿فاصدع بما تؤمر﴾ [الحجر/٩٤] فيصح أن يكون مصدرا وأن يكون بمعنى الذي (انظر: مغني البيب ص ٧٣٦). واعلم أن (ما) إذا كان مع ما بعدها في تقدير المصدر لم يكن إلا حرفا؛ لأنه لو كان اسما لعاد إليه ضمير، وكذلك قولك: أريد أن أخرج؛ فإنه لا عائد من الضمير إلى أن، ولا ضمير لها بعده.
الثاني: للنفي وأهل الحجاز يعملونه بشرط نحو: ﴿ما هذا بشرا﴾ [يوسف/٣١] (وشرط عملها ما ذكره ابن مالك في ألفيته:
إعمال (ليس) أعملت (ما) دون (إن) * مع بقا النفي، وترتيب زكن
وسبق حرف جر أو ظرف ك ما * بي أنت معنيا أجاز العلما).
الثالث: الكافة، وهي الداخلة على (أن) وأخواتها و (رب) ونحو ذلك، والفعل. نحو: ﴿إنما يخشى الله من عباده العلماء﴾ [فاطر/٢٨]، ﴿إنما نملي لهم ليزدادوا إثما﴾ [آل عمران/١٧٨]، ﴿كأنما يساقون إلى الموت﴾ [الأنفال/٦] وعلى ذلك (ما) في قوله: ﴿ربما يود الذين كفروا﴾ [الحجر/٢]، وعلى ذلك: قلما وطالما فيما حكي.
الرابع: المسلطة، وهي التي تجعل اللفظ متسلطا بالعمل، بعد أن لم يكن عاملا. نحو: (ما) في إذما، وحيثما، لأنك تقول: إذ ما تفعل أفعل، وحيثما تقعد أقعد، فإذ وحيث لا يعملان بمجردهما في الشرط، ويعملان عند دخول (ما) عليهما.


الصفحة التالية
Icon