وكذا قوله: ﴿قد نبأنا الله من أخباركم﴾ [التوبة/٩٤]، ﴿فينبئكم بما كنتم تعملون﴾ [المائدة/١٠٥] والنبوة: سفارة بين الله وبين ذوي العقول من عباده لإزاحة عللهم في أمر معادهم ومعاشهم. والنبي لكونه منبئا بما تسكن إليه العقول الذكية، وهو يصح أن يكون فعيلا بمعنى فاعل لقوله تعالى: ﴿نبئ عبادي﴾ [الحجر/٤٩]، ﴿قل أونبئكم﴾ [آل عمران/١٥]، وأن يكون بمعنى المفعول لقوله: ﴿نبأني العليم الخبير﴾ [التحريم/٣]. وتنبأ فلان: ادعى النبوة، وكان من حق لفظه في وضع اللغة أن يصح استعماله في النبي إذ هو مطاوع نبأ، كقوله زينه فتزين، وحلاه فتحلى، وجمله فتجمل، لكن لما تعورف فيمن يدعي النبوة كذبا جنب استعماله في المحق، ولم يستعمل إلا في المتقول في دعواه. كقولك: تنبأ مسيلمة، ويقال في تصغير نبيء: مسيلمة نبييء سوء، تنبيها أن أخباره ليست من أخبار الله تعالى، كما قال رجل سمع كلامه: والله ما خرج هذا الكلام من إل (ذكر أبو بكر الباقلاني أن أبا بكر الصديق سأل أقواما قدموا عليه من بني حنيفة عن هذه الألفاظ - أي: ألفاظ مسيلمة - فحكوا بعضها، فقال أبو بكر: سبحان الله! ويحكم، إن هذا الكلام لم يخرج عن إل، فأين كان يذهب بكم.
راجع: إعجاز القرآن ص ١٥٧) أي: الله. والنبأة الصوت الخفي.
نبي