ويقال المهتدي لمن يقتدي بعالم نحو: ﴿أولو كان آباؤهم لا يعلمون شيئا ولا يهتدون﴾ [المائدة/١٠٤] تنبيها أنهم لا يعلمون بأنفسهم ولا يقتدون بعالم، وقوله: ﴿فمن اهتدى فإنما يهتدي لنفسه ومن ضل فقل إنما أنا من المنذرين﴾ [النمل/٩٢] فإن الاهتداء ههنا يتناول وجوه الاهتداء من طلب الهداية، ومن الاقتداء، ومن تحريها، وكذا قوله: ﴿وزين لهم الشيطان أعمالهم فصدهم عن السبيل فهم لا يهتدون﴾ [النمل/٢٤] وقوله: ﴿وإني لغفار لمن تاب وآمن وعمل صالحا ثم اهتدى﴾ [طه/٨٢] فمعناه: ثم أدام طلب الهداية، ولم يفتر عن تحريه، ولم يرجع إلى المعصية. وقوله: ﴿الذين إذا أصابتهم مصيبة﴾ إلى قوله: ﴿وأولئك هم المهتدون﴾ (الآيتان: ﴿الذين إذا أصابتهم مصيبة قالوا إنا لله وإنا إليه راجعون أولئك عليهم صلوات من ربهم ورحمة وأولئك هم المهتدون﴾ ) [البقرة/١٥٧] أي: الذين تحروا هدايته وقبلوها وعملوا بها، وقال مخبرا عنهم: ﴿وقالوا يا أيه الساحر ادع لنا ربك بما عهد عندك إننا لمهتدون﴾ [الزخرف/٤٩].
والهدي مختص بما يهدى إلى البيت. قال الأخفش (ليس هذا النقل في معاني القرآن له) : والواحدة هدية، قال: ويقال للأنثى هدي كأنه مصدر وصف به، قال الله تعالى: ﴿فإن أحصرتم فما استيسر من الهدي﴾ [البقرة/١٩٦]، ﴿هديا بالغ الكعبة﴾ [المائدة/٩٥]، ﴿ولا الهدي ولا القلائد﴾ [المائدة/٢]، ﴿والهدي معكوفا﴾ [الفتح/٢٥].
والهدية مختصة باللطف الذي يهدي بعضنا إلى بعض. قال تعالى: ﴿وإني مرسلة إليهم بهدية﴾ [النمل/٣٥]، ﴿بل أنتم بهديتكم تفرحون﴾ [النمل/٣٦] والمهدى الطبق الذي يهدى عليه، والمهداء: من يكثر إهداء الهدية، قال الشاعر:
*وإنك مهداء الخنا نطف الحشا*
(البيت يروى:
*وأنك مهداء الخنا نطف النثا ** شديد السباب رافع الصوت غالبه*
وهو للحسيل بن عرفطه في البيان والتبين ٣/٢٠٢؛ والحيوان ٣/٤٩٤)