فهذا الوحي هو عام في جميع أنواعه، وذلك أن معرفة وحدانية الله تعالى، ومعرفة وجوب عبادته ليست مقصورة على الوحي المختص بأولي العزم من الرسل، بل يعرف ذلك بالعقل والإلهام كما يعرف بالسمع. فإذا القصد من الآية تنبيه أنه من المحال أن يكون رسول لا يعرف وحدانية الله ووجوب عبادته، وقوله تعالى: ﴿وإذ أوحيت إلى الحواريين﴾ [المائدة/١١١] فذلك وحي بوساطة عيسى عليه السلام، وقوله: ﴿وأوحينا إليهم فعل الخيرات﴾ [الأنبياء/٧٣] فذلك وحي إلى الأمم بوساطة الأنبياء.
ومن الوحي المختص بالنبي عليه الصلاة والسلام: ﴿اتبع ما أوحي إليك من ربك﴾ [يونس/ ١٠٩]، ﴿إن أتبع إلا ما يوحي إلي﴾ [يونس/١٥]، ﴿قل إنما أنا بشر مثلكم يوحى إلي﴾ [الكهف/١١٠]. وقوله: ﴿وأوحينا إلى موسى وأخيه﴾ [يونس/٨٧] فوحيه إلى موسى بوساطة جبريل، ووحيه تعالى إلى هرون بوساطة جبريل وموسى، وقوله: ﴿إذ يوحي ربك إلى الملائكة أني معكم﴾ [الأنفال/١٢] فذلك وحي إليهم بوساطة اللوح والقلم فيما قيل، وقوله: ﴿وأوحى في كل سماء أمرها﴾ [فصلت/١٢] فإن كان الوحي إلى أهل السماء فقط فالموحى إليهم محذوف ذكره، كأنه قال: أوحى إلى الملائكة؛ لأن أهل السماء هم الملائكة؛ ويكون كقوله: ﴿إذ يوحي ربك إلى الملائكة﴾ [الأنفال/١٢] وإن كان الموحى إليه هي السموات فذلك تسخير عند من يجعل السماء غير حي، ونطق عند من جعله حيا، وقوله: ﴿بأن ربك أوحى لها﴾ [الزلزلة/٥]، فقريب من الأول وقوله: ﴿ولا تعجل بالقرآن من قبل أن يقضي إليك وحيه﴾ [طه/١١٤] فحث على التثبيت في السماع، وعلى ترك الاستعجال في تلقيه وتلقنه.
ودد


الصفحة التالية
Icon