وجعل بين الكافرين والشياطين موالاة في الدنيا، ونفى بينهم الموالاة في الآخرة، قال الله تعالى في المولاة بينهم في الدنيا: ﴿المنافقون والمنافقات بعضهم من بعض﴾ [التوبة/٦٧] وقال: ﴿إنهم اتخذوا الشياطين أولياء من دون الله﴾ [الأعراف/٣٠]، ﴿إنا جعلنا الشياطين أولياء للذين لا يؤمنون﴾ [الأعراف/٢٧]، ﴿فقاتلوا أولياء الشيطان﴾ [النساء/٧٦] فكما جعل بينهم وبين الشيطان موالاة جعل للشيطان في الدنيا عليهم سلطانا فقال: ﴿إنما سلطانه على الذين يتولونه﴾ [النحل/١٠٠] ونفى الموالاة بينهم في الآخرة، فقال في موالاة الكفار بعضهم بعضا: ﴿يوم لا يغني مولى عن مولى شيئا﴾ [الدخان/٤١]، ﴿ثم يوم القيامة يكفر بعضكم ببعض﴾ [العنكبوت/٢٥]، ﴿قال الذين حق عليهم القول ربنا هؤلاء الذين أغوينا﴾ الآية [القصص/٦٣]، وقولهم تولى إذا عدي بنفسه اقتضى معنى الولاية، وحصوله في أقرب المواضع منه يقال: وليت سمعي كذا، ووليت عيني كذا، ووليت وجهي كذا: أقبلت به عليه، قال الله عز وجل: ﴿فلنولينك قبلة ترضاها﴾ [البقرة/١٤٤]، ﴿فول وجهك شطر المسجد الحرام وحيث ما كنتم فولوا وجوهكم شطره﴾ [البقرة/١٤٤] وإذا عدي ب (عن) لفظا أو تقديرا اقتضى معنى الإعراض وترك قربه.
ولي
- الولاء والتوالي: أن يحصل شيئان فصاعدا حصولا ليس بينهما ما ليس منهما، ويستعار ذلك للقرب من حيث المكان، ومن حيث النسبة، ومن حيث الدين، ومن حيث الصداقة والنصرة والاعتقاد، والولاية النصرة (قال الفراء: وكسر الواو في الولاية أعجب إلي من فتحها؛ لأنها إنما تفتح أكثر من ذلك إذا كانت في معنى النصرة، وكان الكسائي يفتحها ويذهب بها إلى النصرة. انظر: معاني القرآن ١/٤١٨)، والولاية: تولي الأمر، وقيل: الولاية والولاية نحو: الدلالة والدلالة، وحقيقته: تولي الأمر.
والولي والمولى يستعملان في ذلك. كل واحد منهما يقال في معنى الفاعل.


الصفحة التالية
Icon