روي أنه ﷺ قال عام الفتح وهو بمكة :"إن الله ورسوله حرم بيع الخمر والميتة والخنزير والأصنام" فقيل : يا رسول الله أرأيت شحوم الميتة فإنها تطلى بها السفن ويدهن بها الجلود ويستصبح بها الناس فقال :"لا هو حرام" أي : بيعها فقال رسول الله ﷺ عند ذلك :"قاتل الله اليهود إن الله تعالى لما حرم عليهم شحومهما أجملوه أي : أذابوه ثم باعوه وأكلوا ثمنه" ﴿ذلك﴾ أي : التحريم العظيم وهو تحريم الطيبات ﴿جزيناهم﴾ به ﴿ببغيهم﴾ أي : بسبب مجاوزتهم الحدود ﴿وإنا لصادقون﴾ أي : في الإخبار عما حرمنا عليهم وعن بغيهم.
جزء : ١ رقم الصفحة : ٥٢٤
ومن البقر والغنم} أي : التي هي ذوات الأظلاف ﴿حرّمنا عليهم شحومهما﴾ أي : الصنفين والمراد شحم الجوف وهو الثروب قال الجوهري : هو شحم قد غشي الكرش والأمعاء رقيق ثم استثنى من الشحوم ما ذكره بقوله :﴿إلا ما حملت ظهورهما﴾ أي : إلا ما علق بالظهر والجنب من داخل بطونهما ﴿أو الحوايا﴾ أي : ما حملته الحوايا وهي الأمعاء التي هي متعاطفة ملوية جمع حوية فوزنها فعائل كسفينة وسفائن، وقيل : جمع حاوية أو حاوياء كقاصعاء فهو فواعل ﴿أو ما اختلط﴾ أي : من الشحوم ﴿بعظم﴾ مثل شحم الإلية فإن ذلك لا يحرم عليهم.
روي أنه ﷺ قال عام الفتح وهو بمكة :"إن الله ورسوله حرم بيع الخمر والميتة والخنزير والأصنام" فقيل : يا رسول الله أرأيت شحوم الميتة فإنها تطلى بها السفن ويدهن بها الجلود ويستصبح بها الناس فقال :"لا هو حرام" أي : بيعها فقال رسول الله ﷺ عند ذلك :"قاتل الله اليهود إن الله تعالى لما حرم عليهم شحومهما أجملوه أي : أذابوه ثم باعوه وأكلوا ثمنه" ﴿ذلك﴾ أي : التحريم العظيم وهو تحريم الطيبات ﴿جزيناهم﴾ به ﴿ببغيهم﴾ أي : بسبب مجاوزتهم الحدود ﴿وإنا لصادقون﴾ أي : في الإخبار عما حرمنا عليهم وعن بغيهم.
جزء : ١ رقم الصفحة : ٥٢٤
٥٢٦
﴿فإن كذبوك﴾ أي : اليهود يا محمد فيما أخبرناك به عنهم ﴿فقل﴾ لهم ﴿ربكم ذو رحمة واسعة﴾ أي : بتأخير العذاب عنكم فلم يعاجلكم بالعقوبة في ذلك تلطفاً بدعائهم إلى الإيمان ﴿ولا يرد بأسه﴾ أي : عقابه ﴿عن القوم المجرمين﴾ إذا جاء وقته وقيل : ذو رحمة واسعة للمطيعين وذو بأس شديد للمجرمين.
وقوله تعالى :
﴿سيقول الذين أشركوا﴾ إخبار عن مستقبل وقوع مخبره يدل على إعجازه، ولما لزمتهم الحجة وتيقنوا بطلان ما كانوا عليه من الشرك بالله وتحريم ما لم يحرمه الله قالوا :﴿لو شاء الله ما أشركنا ولا آباؤنا ولا حرمنا من شيء﴾ أرادوا أن يجعلوا قولهم : لو شاء الله ما أشركنا حجة لهم على إقامتهم على الشرك وقالوا : إن الله قادر على أن يحول بيننا وبين ما نحن فيه حتى لا نفعله فلولا أنه رضي ما نحن فيه وأراده منا وأمرنا به لحال بيننا وبين ذلك فقال الله تعالى تكذيباً : لهم :﴿كذلك كذب الذين من قبلهم﴾ أي : من كفار الأمم الماضية ﴿حتى ذاقوا بأسنا﴾ أي : عذابنا ويستدل أهل القدر بهذه الآية يقولون : إنهم لما قالوا :﴿لو شاء الله ما أشركنا﴾ كذبهم الله ورد عليهم فقال :﴿كذلك كذب الذين من قبلهم﴾ وأجاب أهل السنة بأن التكذيب ليس في قولهم لو شاء الله ما أشركنا بل ذلك القول صدق ولكن في قولهم : إن الله أمرنا بها ورضي ما نحن عليه كما أخبر تعالى عنهم في سورة الأعراف ﴿وإذا فعلوا فاحشة قالوا وجدنا عليها آباءنا وا أمرنا بها﴾ (الأعراف، ٢٨)
جزء : ١ رقم الصفحة : ٥٢٦
فالرد عليهم في هذا كما قال تعالى :﴿قل إنّ الله لا يأمر بالفحشاء﴾ (الأعراف، ٢٨)
والدليل على أنّ التكذيب ورد فيما قلنا لا في قولهم :﴿لو شاء الله ما أشركنا﴾ قوله تعالى :﴿كذب الذين من قبلهم﴾ بالتشديد ولو كان كذلك خبراً من الله عن كذبهم في قولهم :﴿لو شاء الله ما أشركنا﴾ لقال : كذب الذين من قبلهم بالتخفيف وكان ينسبهم إلى الكذب لا إلى التكذيب، وقال الحسين بن الفضل : لو ذكروا هذه المقالة تعظيماً وإجلالاً لله تعالى ومعرفة منهم لما عابهم بذلك لأنّ الله تعالى قال :﴿ولو شاء الله ما أشركوا﴾ (الأنعام، ١٠٧)
وقال تعالى :﴿وما كانوا ليؤمنوا إلا أن يشاء الله﴾ (الأنعام، ١١١)
والمؤمنون يقولون ذلك ولكنّ المشركين قالوا تكذيباً وتحريضاً وجدلاً من غير معرفة بالله وبما يقولون نظيره قوله تعالى :﴿وقالوا لو شاء الرحمن ما عبدناهم﴾ (الزخرف، ٢٠)
قال الله تعالى :﴿ما لهم بذلك من علم إن هم إلا يخرصون﴾ (الزخرف، ٢٠)
وقد علم من ذلك أن أمر الله تعالى بمعزل عن مشيئته وإرادته فإن مريد لجميع الكائنات غير آمر بجميع ما يريد وعلى العبد أن يتبع أمره وليس له أن يتعلق بمشيئته فإنّ مشيئته لا تكون عذراً لأحد.
٥٢٧