مختلطة فامتلأت بيوت القبط حتى قاموا في الماء إلى تراقيهم ومن جلس منهم غرق ولم يدخل من ذلك الماء في بيوت بني إسرائيل شيء وركب ذلك الماء على أرضهم فلم يقدروا أن يحرثوا ولا يعملوا شيئاً ودام ذلك عليهم سبعة أيام من السبت إلى السبت حتى كان الرجل منهم لا يرى شمساً ولا قمراً ولا يستطيع الخروج من داره فصرخوا إلى فرعون واستغاثوا به فأرسل إلى موسى عليه السلام فقال : اكشف عنا العذاب فقد صار بحراً واحداً فإن كشف هذا العذاب آمنا بك فأزال الله تعالى عنهم المطر وأرسل الرياح فجففت الأرض وخرج من النبات ما لم ير مثله قط فقالوا : هذا الذي جزعنا منه خير لنا لكنا لم نشعر فلا والله لا نؤمن بك ولا نرسل معك بني إسرائيل، وقيل : المراد بالطوفان الجدري وهو بضم الجيم وفتح الدال وبفتحهما قروح في البدن تنفط وتنضح، وقيل : هو الموتان وهو بضم الميم موت في الماشية، وقيل : هو الطاعون فنكثوا العهد ﴿و﴾ لم يؤمنوا وأقاموا شهراً في عافية فأرسل الله تعالى عليهم ﴿الجراد﴾ فأكل النبات والثمار وأرواق الشجر حتى كان يأكل الأبواب وسقوف البيوت ومسامير الأبواب من الحديد وابتلي الجراد بالجوع فكانت لا تشبع ولم يصب بني إسرائيل شيء من ذلك وعظم الأمر عليهم حتى صارت عند طيرانها تغطي الشمس ووقع بعضها على بعض في الأرض ذراعاً فضجوا من ذلك وقالوا : يا موسى ادع لنا ربك لئن كشفت عنا الرجز لنؤمنن لك فأعطوه عهد الله وميثاقه فدعا موسى عليه السلام فكشف الله عنهم الجراد بعدما أقام عليهم سبعة أيام من السبت إلى السبت، وفي الخبر مكتوب على صدر كل جرادة جند الله الأعظم، ويقال : إنّ موسى عليه السلام برز إلى الفضاء وأشار بعصاه نحو المشرق والمغرب فرجعت الجراد من حيث جاءت، وقيل : أرسل الله تعالى ريحاً فاحتمل الجراد فألقاه في البحر وكان قد بقي من زرعهم وغلاتهم بقية فقالوا : قد بقي لنا ما يكفينا فما نحن بتاركي ديننا ﴿و﴾ لم يؤمنوا وأقاموا أشهراً في عافية وعادوا إلى أعمالهم الخبيثة فأرسل الله تعالى عليهم ﴿القمل﴾ واختلفوا في القمل، فعن ابن عباس أنه السوس الذي يخرج من الحنطة، وعن قتادة أنه أولاد الجراد قبل نبات أجنحتها. وعن عكرمة أنه الحمنان وهو ضرب من القراد، وعن عطاء القمل المعروف فأكل ما أبقاه الجراد ولحس الأرض وكان يدخل بين ثوب أحدهم وبين جلده فيمصه، وكان أحدهم يأكل طعاماً فيمتلىء قملاً، وكان أحدهم يخرج عشرة أجربة إلى الرحا فلا يردّ منها إلا شيئاً يسير، وعن سعيد بن جبير كان إلى جنبهم كثيب أعفر فضربه به موسى عليه السلام بعصاه فصار قملاً فأخذت أبشارهم وأشعارهم وأشفار عيونهم وحواجبهم ولزم جلودهم كأنه الجدري ومنعهم النوم والقرار فصاحوا وصرخوا هم وفرعون إلى موسى عليه السلام وقال : إنا نتوب فادع لنا ربك يكشف عنا هذا البلاء فدعا موسى فرفع الله القمل عنهم بعدما أقام عليه سبعة أيام من السبت إلى السبت فنكثوا وعادوا إلى أخبث أعمالهم وقالوا : ما كنا أحق أن نستيقن أنه ساحر منا اليوم جعل الرمل دواب ﴿و﴾ لم يؤمنوا فدعا موسى عليه السلام عليهم بعدما أقاموا شهراً في عافية فأرسل الله تعالى عليهم ﴿الضفادع﴾ فامتلأت منها بيوتهم وأطعمتهم وآنيتهم فلا يكشف أحدهم عن ثوب ولا طعام ولا شراب إلا وجد فيه الضفادع وكان الرجل يجلس في الضفادع إلى رقبته ويهم أن يتكلم فيثب الضفدع في فيه وكان يثب في قدورهم فيفسد عليهم طعامهم ويطفىء نيرانهم وكان أحدهم يضطجع فيركبه الضفدع فيكون عليه ركاماً حتى لا يستطيع أن ينصرف إلى شقه الآخر ويفتح فاه إلى أكلة فيسبق الضفدع أكلته إلى فيه ولا يعجن عجيناً ولا يفتح قدراً إلا امتلأت ضفادع، وعن ابن عباس أنّ الضفادع كانت بريّة فلما أرسلها الله تعالى إلى آل فرعون سمعت فأطاعت فجعلت
٥٨٣
جزء : ١ رقم الصفحة : ٥٨١


الصفحة التالية
Icon