وعمر المسجد الحرام وهو مقيم على كفره ؛ لأنّ الله تعالى لا يقبل عملاً إلا مع إيمان به وبيّن عدم تساويهم بقوله تعالى :﴿وا لا يهدي القوم الظالمين﴾ أي : الكفرة ظلمة بالشرك ومعاداة النبيّ ﷺ منهمكون في الضلال، فكيف يساوون الذين عاهدهم الله تعالى ووفقهم للحق والصواب ؟
وقيل : المراد بالظالمين الذين يسوّون بينهم وبين المؤمنين.
﴿الذين آمنوا وهاجروا وجاهدوا في سبيل الله بأموالهم وأنفسهم أعظم درجة عند الله﴾ أي : أعلى مرتبة وأكثر كرامة ممن لم يستجمع هذه الصفات والمراد من كون العبد عند الله بالاستغراق في عبوديته وطاعته، وليس المراد منه قطع العندية بحسب الجهة والمكان ؛ لأنّ الأرواح البشرية إذا تطهرت من دنس الأوصاف البدنية أشرقت بأنوار الجلال وتجلى فيها أضواء عالم الكمال، وسرت من العبودية إلى العندية. وقيل : أعظم درجة عند الله ممن افتخر بالسقاية وعمارة المسجد الحرام.
فإن قيل : على هذا كيف قال في وصفهم أعظم درجة مع أنه ليس للكافر درجة ؟
أجيب : بأنّ هذا ورد على حسب ما كانوا يقدّرون ؛ لأنفسهم من الدرجة والفضيلة عند الله. ونظيره قوله تعالى :﴿الله خير أم ما يشركون﴾ (النحل، ٥٩)
وقوله تعالى :﴿أذلك خير نزلاً أم شجرة الزقوم﴾ (الصافات، ٦٢)
﴿وأولئك﴾ من هذه صفتهم ﴿هم الفائزون﴾ أي : بسعادة الدنيا والآخرة.
جزء : ١ رقم الصفحة : ٦٧٨
تنبيه : السقاية والعمارة مصدران من سقى وعمر كالصيانة والوقاية، فلا بد من مضاف محذوف تقديره أجعلتم سقاية الحاج وعمارة المسجد الحرام كإيمان من آمن بالله ﴿لا يستوون عند الله﴾ أي : لا يستوي حال هؤلاء الذين آمنوا بالله وجاهدوا في سبيل الله بحال من سقى الحاج
٦٨٢
وعمر المسجد الحرام وهو مقيم على كفره ؛ لأنّ الله تعالى لا يقبل عملاً إلا مع إيمان به وبيّن عدم تساويهم بقوله تعالى :﴿وا لا يهدي القوم الظالمين﴾ أي : الكفرة ظلمة بالشرك ومعاداة النبيّ ﷺ منهمكون في الضلال، فكيف يساوون الذين عاهدهم الله تعالى ووفقهم للحق والصواب ؟
وقيل : المراد بالظالمين الذين يسوّون بينهم وبين المؤمنين.
﴿الذين آمنوا وهاجروا وجاهدوا في سبيل الله بأموالهم وأنفسهم أعظم درجة عند الله﴾ أي : أعلى مرتبة وأكثر كرامة ممن لم يستجمع هذه الصفات والمراد من كون العبد عند الله بالاستغراق في عبوديته وطاعته، وليس المراد منه قطع العندية بحسب الجهة والمكان ؛ لأنّ الأرواح البشرية إذا تطهرت من دنس الأوصاف البدنية أشرقت بأنوار الجلال وتجلى فيها أضواء عالم الكمال، وسرت من العبودية إلى العندية. وقيل : أعظم درجة عند الله ممن افتخر بالسقاية وعمارة المسجد الحرام.
فإن قيل : على هذا كيف قال في وصفهم أعظم درجة مع أنه ليس للكافر درجة ؟
أجيب : بأنّ هذا ورد على حسب ما كانوا يقدّرون ؛ لأنفسهم من الدرجة والفضيلة عند الله. ونظيره قوله تعالى :﴿الله خير أم ما يشركون﴾ (النحل، ٥٩)
وقوله تعالى :﴿أذلك خير نزلاً أم شجرة الزقوم﴾ (الصافات، ٦٢)
﴿وأولئك﴾ من هذه صفتهم ﴿هم الفائزون﴾ أي : بسعادة الدنيا والآخرة.
جزء : ١ رقم الصفحة : ٦٧٨
﴿يبشرهم﴾ أي : يخبرهم ﴿ربهم﴾ والبشارة الخبر السار الذي يفرح الإنسان عند سماعه وتستبشر بشرة وجهه عند سماع ذلك الخبر السار، ثم ذكر سبحانه وتعالى الذي يبشرهم به بقوله تعالى :﴿برحمة منه ورضوان﴾، فهذا أعظم البشارات ؛ لأنّ الرحمة والرضوان من الله تعالى سبحانه وتعالى على العبد نهاية مقصودة ﴿وجنات﴾ أي : بساتين كثيرة الأشجار والثمار ﴿لهم فيها﴾ أي : الجنات ﴿نعيم﴾ أي : جزاء خالص عن كدر مّا ﴿مقيم﴾ أي : غير منقطع. وقوله تعالى :
﴿خالدين فيها﴾ حال مقدرة وحقق الخلود بقوله تعالى :﴿أبداً﴾، ولما ذكر تعالى هذه الأحوال، قال :﴿إنّ الله عنده أجر عظيم﴾ وناهيك بما يصفه الله بالعظم وخص هؤلاء المؤمنين بهذا الثواب المعبر عن دوامه بهذه العبارات الثلاث المقرونة بالعظم والاسم الأعظم، فكان أعظم الثواب ؛ لأنّ إيمانهم أعظم الإيمان.
وذكر المفسرون في سبب نزول قوله تعالى :


الصفحة التالية
Icon