﴿لقد جاءكم رسول من أنفسكم﴾ أي : من جنسكم عربيّ مثلكم وهو محمد ﷺ تعرفون حسبه ونسبه، قال ابن عباس رضي الله تعالى عنهما : ليس قبيلة من العرب إلا وقد ولدت النبيّ ﷺ وله فيها نسب وقال جعفر بن محمد الصادق : لم يصبه شيء من ولادة الجاهلية من زمن آدم عليه السلام، وعن الطبرانيّ قال ﷺ "إني خرجت من نكاح ولم أخرج من سفاح"، وعن ابن عباس قال : قال رسول الله ﷺ "ما ولدني من سفاح أهل الجاهلية شيء ما ولدني إلا نكاح كنكاح الإسلام" وعن واثلة بن الأسقع قال : سمعت رسول الله ﷺ يقول :"إنّ الله اصطفى كنانة من ولد إسمعيل واصطفى قريشاً من كنانة واصطفى من قريش بني هاشم واصطفاني من بني هاشم" وقرأ
٧٥٣
أبو عمرو وحمزة والكسائي بإدغام دال قد في الجيم والباقون بالإظهار ﴿عزيز﴾ أي : شديد شاق ﴿عليه ما عنتم﴾ أي : عنتكم وإيتاؤكم المكروه وقيل : يشق عليه ضلالتكم ﴿حريص عليكم﴾ أي : أن تهتدوا أو على إيصال الخير إليكم ﴿بالمؤمنين﴾ أي : منكم ومن غيركم ﴿رؤوف﴾ أي : شديد الرحمة بالمطيعين ﴿رحيم﴾ بالمذنبين وقدّم الأبلغ وهو الرؤوف محافظة على الفواصل، وعن الحسن بن الفضل : لم يجمع الله تعالى لأحد من الأنبياء بين اسمين من أسمائه إلا لنبينا ﷺ فسماه رؤوفاً رحيماً، وقال تعالى :﴿إنّ الله بالناس لرؤوف رحيم﴾ وقرأ نافع وابن كثير وابن عامر وحفص بمدّ الهمزة من رؤوف، والباقون بالقصر.
﴿
جزء : ١ رقم الصفحة : ٧٥٢
فإن تولوا﴾
أي : فإن أعرضوا هؤلاء الكفار والمنافقون عن الإيمان بالله ورسوله محمد ﷺ وناصبوك الحرب ﴿فقل حسبي الله﴾ أي : يكفيني الله وينصرني عليكم وإنما كان كافياً لأنه ﴿لا إله إلا هو﴾ فلا مكافىء له ولا رادّ لأمره ولا معقب لحكمه ﴿عليه توكلت﴾ أي : فلا أرجو إلا إياه ولا أخاف إلا منه لأنّ أمره نافذ في كل شيء ﴿وهو رب العرش﴾ أي : الكرسي ﴿العظيم﴾ وخصه بالذكر تشريفاً له ولأنه من أعظم مخلوقاته سبحانه وتعالى.
روي عن أبيّ بن كعب قال : آخر ما نزل من القرآن هاتان الآيتان :﴿لقد جاءكم رسول من أنفسكم﴾ إلى آخر السورة، وقال : هما أحدث الآيات بالله عهداً وما رواه البيضاويّ رحمه الله تعالى تبعاً للكشاف من أنه ﷺ قال :"ما أنزل عليّ القرآن إلا آية آية وحرفاً حرفاً ما خلا سورة براءة وقل هو الله أحد فإنهما أنزلا عليّ ومعهما سبعون ألف صف من الملائكة" حديث منكر ومخالف لما مرّ عن أبيّ من أنّ آخر ما نزل الآيتان، انتهى. والله سبحانه وتعالى أعلم.
٧٥٤
جزء : ١ رقم الصفحة : ٧٥٢


الصفحة التالية
Icon