روى الإمام أحمد وغيره "أنّ النبيّ ﷺ كان إذا حز به أمر فزع إلى الصلاة" أي : لجأ إليها، وحز به ـ بالحاء المهملة وزاي وباء موحدة : أهمه ونزل به، وقيل : الخطاب لليهود فهو متصل بما قبله كأنهم لما أمروا بما شق عليهم لما فيه من الكلفة وترك الرياسة والإعراض عن المال أمروا بالصبر وهو الصوم ومنه سمي شهر رمضان شهر الصبر لأنه يكسر الشهوة ويزهد في الدنيا، والصلاة لأنها تورث الخشوع وتنفي الكبر وترغب في الآخرة، وقيل : الواو بمعنى على أي : واستعينوا بالصبر على الصلاة كما قال تعالى :﴿وأمر أهلك بالصلاة واصطبر عليها﴾ (طه، ١٣٢) ويحتمل أن يراد بالصلاة : الدعاء ﴿وإنها﴾ أي : الصلاة ردّ الكناية إليها لأنّ الصبر داخل فيها لاستجماعها ضروباً من الصبر كما قال تعالى :﴿وا ورسوله أحق أن يرضوه﴾ (التوبة، ٦٢) ولم يقل يرضوهما لأن رضا الرسول داخل في رضا الله عز وجل أو لأنها أعم، كما في قوله تعالى :﴿والذين يكنزون الذهب والفضة ولا ينفقونها في سبيل الله﴾ (التوبة، ٣٤) ردّ الكناية إلى الفضة لأنها أعم وقيل : ردّ الكناية إلى كل منهما وأن كل خصلة منهما كما قال تعالى :﴿كلتا الجنتين آتت أكلها﴾ (الكهف، ٣٣) أي : كل واحدة منهما، وقيل : معناه : واستعينوا بالصبر وإنه لكبير والصلاة وإنها لكبيرة فحذف أحدهما اختصاراً، وقال الحسين بن الفضل : ردّ الكناية إلى
٦٥
الاستعانة ﴿لكبيرة﴾ أي : ثقيلة شاقة كقوله تعالى :﴿كبر على المشركين ما تدعوهم إليه﴾ (الشورى، ١٣) ﴿إلا على الخاشعين﴾ أي : الساكنين إلى الطاعة، والخشوع : السكون، قال تعالى :﴿وخشعت الأصوات للرحمن﴾ (طه، ١٠٨) والخضوع : اللين والانقياد، ولذا يقال : الخشوع بالجوارح والخضوع بالقلب.
﴿الذين يظنون﴾ أي : يستيقنون وأطلق الظنّ على العلم لتضمنه معنى التوقع ﴿أنهم ملاقو ربهم﴾ بالبعث ﴿وأنهم إليه راجعون﴾ في الآخرة فيجازيهم بأعمالهم، وإنما لم تثقل عليهم ثقلها على غيرهم لأنّ نفوسهم مرتاضة بأمثالها متوقعة في مقابلتها ما يستحقر لأجل مشاقها وتستلذ بسببه متاعبها ومن ثم قال عليه الصلاة والسلام :"وجعلت قرّة عيني في الصلاة".
جزء : ١ رقم الصفحة : ٦٤
روى الإمام أحمد وغيره "أنّ النبيّ ﷺ كان إذا حز به أمر فزع إلى الصلاة" أي : لجأ إليها، وحز به ـ بالحاء المهملة وزاي وباء موحدة : أهمه ونزل به، وقيل : الخطاب لليهود فهو متصل بما قبله كأنهم لما أمروا بما شق عليهم لما فيه من الكلفة وترك الرياسة والإعراض عن المال أمروا بالصبر وهو الصوم ومنه سمي شهر رمضان شهر الصبر لأنه يكسر الشهوة ويزهد في الدنيا، والصلاة لأنها تورث الخشوع وتنفي الكبر وترغب في الآخرة، وقيل : الواو بمعنى على أي : واستعينوا بالصبر على الصلاة كما قال تعالى :﴿وأمر أهلك بالصلاة واصطبر عليها﴾ (طه، ١٣٢) ويحتمل أن يراد بالصلاة : الدعاء ﴿وإنها﴾ أي : الصلاة ردّ الكناية إليها لأنّ الصبر داخل فيها لاستجماعها ضروباً من الصبر كما قال تعالى :﴿وا ورسوله أحق أن يرضوه﴾ (التوبة، ٦٢) ولم يقل يرضوهما لأن رضا الرسول داخل في رضا الله عز وجل أو لأنها أعم، كما في قوله تعالى :﴿والذين يكنزون الذهب والفضة ولا ينفقونها في سبيل الله﴾ (التوبة، ٣٤) ردّ الكناية إلى الفضة لأنها أعم وقيل : ردّ الكناية إلى كل منهما وأن كل خصلة منهما كما قال تعالى :﴿كلتا الجنتين آتت أكلها﴾ (الكهف، ٣٣) أي : كل واحدة منهما، وقيل : معناه : واستعينوا بالصبر وإنه لكبير والصلاة وإنها لكبيرة فحذف أحدهما اختصاراً، وقال الحسين بن الفضل : ردّ الكناية إلى
٦٥
الاستعانة ﴿لكبيرة﴾ أي : ثقيلة شاقة كقوله تعالى :﴿كبر على المشركين ما تدعوهم إليه﴾ (الشورى، ١٣) ﴿إلا على الخاشعين﴾ أي : الساكنين إلى الطاعة، والخشوع : السكون، قال تعالى :﴿وخشعت الأصوات للرحمن﴾ (طه، ١٠٨) والخضوع : اللين والانقياد، ولذا يقال : الخشوع بالجوارح والخضوع بالقلب.
﴿الذين يظنون﴾ أي : يستيقنون وأطلق الظنّ على العلم لتضمنه معنى التوقع ﴿أنهم ملاقو ربهم﴾ بالبعث ﴿وأنهم إليه راجعون﴾ في الآخرة فيجازيهم بأعمالهم، وإنما لم تثقل عليهم ثقلها على غيرهم لأنّ نفوسهم مرتاضة بأمثالها متوقعة في مقابلتها ما يستحقر لأجل مشاقها وتستلذ بسببه متاعبها ومن ثم قال عليه الصلاة والسلام :"وجعلت قرّة عيني في الصلاة".
جزء : ١ رقم الصفحة : ٦٤


الصفحة التالية
Icon