ثم وصفه تعالى بما يقتضي تعظيمه، وأنه أهل للقصد بقوله تعالى :﴿الذي باركنا حوله﴾ أي : بما لنا من العظمة بالمياه والأشجار. وقال مجاهد : سماه مباركاً لأنه مقرّ الأنبياء ومهبط الملائكة والوحي ومنه يحشر الناس يوم القيامة وموطن العبادات ومعدن الفواكه والأرزاق والبركات، وبارك تعالى حوله لأجله فما ظنك به نفسه فهو أبلغ من باركنا فيه، ثم منه إلى السموات العلا إلى سدرة المنتهى إلى ما لم ينله بشر غيره ﷺ قال البقاعي : ولعل حذف ذكر المعراج من القرآن هنا لقصور أفهامهم عن إدراك أدلته، لو أنكروه بخلاف الإسراء فإنه أقام دليله عليهم بما شاهدوه من الأمارات التي وصفها لهم وهم قاطعون بأنه ﷺ لم يرها قبل ذلك فلما بان صدقه بما ذكر من الأمارات أخبر بعد ذلك من أراد الله تعالى بالمعراج.
جزء : ٢ رقم الصفحة : ٣٠٦
ثم ذكر سبحانه وتعالى الغرض من الإسراء بقوله تعالى :﴿لنريه﴾ بعينه وقلبه ﴿من آياتنا﴾ أي : عجائب قدرتنا السماوية والأرضية كما أرينا أباه الخليل عليه السلام ملكوت السموات والأرض. ﴿إنه﴾ أي : الله ﴿هو السميع﴾ لجميع الأقوال ﴿البصير﴾ أي : العالم بأحوال عباده فيكرم ويقرّب من شاء منهم وقيل : إنه أي : هذا العبد الذي اختصصناه بالإسراء هو أي : خاصة السميع أي : أذناً وقلباً بالإجابة لنا والإذعان لأوامرانا البصير بصراً وبصيرة بدليل ما أخبر به من الآيات وصدقه من الدلالات حتى نعت ما سألوه عنه من بيت المقدس ومن أمر عيرهم وغيرهما مما هو مشهور في قصة الإسراء. واختلف هل أسري بروحه أو بجسده ﷺ فعن عائشة رضي الله تعالى عنها أنها كانت تقول ما فقدت جسد النبيّ ﷺ ولكن أسري بروحه، والأكثرون على أنه أسري بجسده في اليقظة وتواترت الأخبار الصحيحة على ذلك منها قوله ﷺ "أوتيت بالبراق وهو دابة أبيض فوق الحمار ودون البغل يضع حافره عند منتهى طرفه فركبته فسار بي حتى أتيت بيت
٣٠٧


الصفحة التالية
Icon